حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ: إِنِّي لَأَعِظُ وَمَا أَرَى مَوْضِعًا وَمَا أُرِيدُ إِلَّا نَفْسِي [١] . وَقَالَ: اكتم حسناتك أفد مِمَّا تَكْتُمُ سَيِّئَاتِكَ. وَقَالَ سُفْيَانُ: قِيلَ لِأَبِي حَازِمٍ: مَا مَالُكَ؟ قَالَ:
خَيْرُ مَالِي ثِقَتِي باللَّه، وَإِيَاسِي مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ. قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ: يَكُونُ لِي عَدُوٌّ صَالِحٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي صَدِيقٌ فَاسِدٌ.
قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ لِأُنَاسٍ: أَنْ أُمْنَعَ الدُّعَاءَ أَخْوَفُ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُمْنَعَ الْإِجَابَةَ [٢] . قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لِأَبِي حَازِمٍ: يَا أَبَا حَازِمٍ مَا النَّجَاةُ مِنَ هَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَ: يَسِيرٌ. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ:
لَا تَأْخُذَنَّ شَيْئًا إِلَّا مِنْ حِلِّهِ، وَلَا تَضَعَنَّ شَيْئًا إِلَّا فِي حَقِّهِ. قَالَ: وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ يَا أَبَا حَازِمٍ؟ قَالَ: مَنْ طَلَبَ الْجَنَّةَ وَهَرَبَ مِنَ النَّارِ.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ لِأَبِي حازم:
ارفع اليّ حاجتك. قال: هيهات هيهات رفعتها رَفَعْتُهَا إِلَى مَنْ لَا تُخْتَزَلُ الْحَوَائِجُ دُونَهُ. فَمَا أَعْطَانِي مِنْهَا قَنَعْتُ، وَمَا زَوَى عَنِّي مِنْهَا رَضِيتُ.
قَالَ: فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: إِنَّهُ لَجَارِي وَمَا عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عِنْدَهُ [٣] . قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَقُلْتُ لَوْ كُنْتُ غَنِيًّا لَعَرَفْتَنِي ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي لَا يَنْجُو مِنِّي. فَقُلْتُ: كَانَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا مَضَى يَطْلُبُهُمُ السُّلْطَانُ وهم يفرون منهم، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ الْيَوْمَ طَلَبُوا الْعِلْمَ حَتَّى إِذَا جَمَعُوهُ بِحَذَافِيرِهِ أَتَوْا بِهِ أَبْوَابَ السَّلَاطِينَ وَالسَّلَاطِينُ يَفِرُّونَ مِنْهُمْ وَهُمْ يَطْلُبُونَهُمْ. قَالَ سُفْيَانُ:
قَالَ أَبُو حَازِمٍ: وَجَدْتُ الدُّنْيَا شَيْئَيْنِ شَيْءٌ هُوَ لي وشيء هو لغيري، فأما الّذي هو لِي فَلَوْ طَلَبْتُهُ قَبْلَ حِلِّهِ بِحِيلَةِ السَّمَوَاتِ والأرض لم أقدر عليه،
[١] أوردها الذهبي: سير أعلام النبلاء ٥/ ق ١٧٦ و ١.[٢] أوردها الذهبي: سير أعلام النبلاء ٥/ ق ١٧٧ و ٢.[٣] قارن بالذهبي: سير أعلام النبلاء ٥/ ق ١٧٦ و ١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute