قَالَ: وَكَانَ مُسْلِمٌ أَبُوهُ مِنْ رَقِيقِ الْإِمَارَةِ، وَتَفَرَّقُوا عَلَى أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ، وَكَانَ لِلْوَلِيدِ أَخٌ صَلِفٌ، يَرْكَبُ [١] الْخَيْلَ وَيَرْكَبُ مَعَهُ غِلْمَانٌ لَهُ كَثِيرٌ، وَكَانَ صَاحِبَ صَيْدٍ وَتَنَزُّهٍ، وَكَانَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّيْدِ فِي فَوَارِسَ وَمَطَابِخَ، وَحَمَلَ الْوَلِيدُ دِيَةً فَأَدَّاهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ إِذِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَمْرُ أَبِيهِ. قَالَ:
فَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ فِي ذَلِكَ شَغَبٌ وَجَفَاءٌ وَقَطِيعَةٌ، وَقَالَ: فَضَحْتَنَا وَمَا كَانَ حَاجَتُكَ إِلَى مَا فَعَلْتَ.
[إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ]
قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَكُنْتُ أَسْمَعُ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ: عِلْمُ الشَّامِ عِنْدَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ وَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ.
سَمِعْتُ أَبَا الْيَمَانِ يَقُولُ: كَتَبْتُ كُتُبَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَيَّاشٍ، وَلَمْ أَدَعْ شَيْئًا مِنْهَا [٢] فِي الْقَرَاطِيسِ، وَقَدِمَ خُرَاسَانِيٌّ وَكَلَّمَ إِسْمَاعِيلَ أَنْ يَحْتَالَ لَهُ فِي نُسْخَةٍ تُشْتَرَى وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَدَعَانِي إِسْمَاعِيلُ فَقَالَ: يَا حَكَمُ إِنَّكَ لَمْ تَحُجَّ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَ الْكُتُبَ من هذا الخراساني وتحج وترجع فتكتب (١٣٣ ب) وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ؟ فَقُلْتُ: فَلَعَلَّكَ تَمُوتُ. فَقَالَ: اسْتَخِرِ اللَّهَ، وَإِنْ قَبِلْتَ مِنِّي فَعَلْتَ مَا أَقُولُ لك. قال: فبعت الكتب منه- وكانت فِي قَرَاطِيسَ- بِثَلَاثِينَ دِينَارًا، وَحَجَجْنَا وَرَجَعْتُ وَكَتَبْتُ الْكُتُبَ بِدُرَيْهِمَاتٍ وَقَرَأَهَا عَلَيَّ.
قَالَ: وَكَانَ أَصْحَابُنَا لَهُمْ رَغْبَةٌ فِي الْعِلْمِ وَطَلَبٌ شَدِيدٌ بِالشَّامِ وَالْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: نَجْهَدُ فِي الطَّلَبِ ونستعب أَبْدَانَنَا وَنَغِيبُ، فَإِذَا جِئْنَا وَجَدْنَا كُلَّ مَا كتبنا عند إسماعيل» [٣] .
[١] في الأصل يوجد «منكم» قبل «يركب» وأحسبها زائدة.[٢] في الأصل «منه» .[٣] الخطيب: تاريخ بغداد ٦/ ٢٢٤ والذهبي: ميزان الاعتدال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute