لَا يَنْفَعُهُمَا قَطُّ. قَالَ أَبُو حَازِمٍ: كَمْ بَيْنَ قَوْمٍ كَانُوا يَفْتَحُونِي وَأَنَا مُنْغَلِقٌ، وَبَيْنَ قَوْمٍ يُغْلِقُونِي وَأَنَا مُنْفَتِحٌ.
حَدَّثَنَا زَيْدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي ابْنُ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَجْلٌ:
رَأَيْتُ النَّاسَ فِي أَزِقَّةٍ ضَيِّقَةٍ وَغُبَارٍ، ورأيت قصرا مرشوشا حوله، ولا يَقْرَبُهُ مِنَ الْعِبَادِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، فَقُلْتُ: مَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يَمُرُّوا فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ؟ فَقِيلَ لِي: لَيْسَتْ لَهُمْ. فَقُلْتُ: لِمَنْ هِيَ؟ فَقَالُوا: لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي يُصَلِّي إِلَى جَانِبِ الْقَصْرِ. قُلْتُ: مَنْ ذَاكَ؟ قَالُوا [١] : زَيْدُ بن أسلم.
قلت: بأي شيء عطي ذَلِكَ؟ قَالَ: لِأَنَّ النَّاسَ سَلِمُوا مِنْهُ وَسَلِمَ مِنْهُمْ.
حَدَّثَنِي زَيْدٌ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي ابْنُ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ أَبُو حَازِمٍ يَقُولُ لَهُمْ: لَا يُرِينِي اللَّهُ يَوْمَ زَيْدٍ [٢] وَقَدِّمْنِي بَيْنَ يَدَيْ زَيْدِ [بْنِ] أَسْلَمَ، اللَّهمّ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ أَرْضَى لِنَفْسِي وَدِينِي غَيْرُ ذلك. قال: فأتاه- يعني زيد- فَعُقِرَ، فَمَا قَامَ وَمَا شَهِدَهُ فِيمَنْ شَهِدَهُ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو حَازِمٍ يَقُولُ: اللَّهمّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أَنْظُرُ إِلَى زَيْدٍ، وَأَذْكُرُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ الْقُوَّةَ عَلَى عِبَادَتِكَ فَكَيْفَ بِمُلَاقَاتِهِ وَمُحَادَثَتِهِ.
حَدَّثَنَا زَيْدٌ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي ابْنُ زَيْدٍ [٣] قَالَ: كَانَ أَبِي لَهُ جُلَسَاءُ، فَرُبَّمَا أَرْسَلَنِي إِلَى الرَّجُلِ مِنْهُمْ. قَالَ: فَيُقَبِّلُ رَأْسِي وَيَمْسَحُ وَيَقُولُ:
وَاللَّهِ لَأَبُوكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَلَدِي وَأَهْلِي، وَاللَّهِ لَوْ خَيَّرَنِي اللَّهُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ أَوْ بِهِمْ لَاخْتَرْتُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِمْ وَيَبْقَى لِي زَيْدٌ.
حَدَّثَنَا زَيْدٌ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي ابْنُ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ أبو حازم:
[١] في الأصل «قال» .[٢] اى يوم وفاته.[٣] اسامة بن زيد بن أسلم العدوي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute