وابتغوا من فضل الله: أي اطلبوا الرزق من الله تعالى بالسعي والعمل.
تفلحون: أي تنجون من النار وتدخلون الجنة.
انفضوا إليها: أي إلى التجارة.
وتركوك قائماً: أي على المنبر تخطب يوم الجمعة.
ما عند الله خير من اللهو ومن: أي ما عند الله من الثواب في الدار الآخرة خير من اللهو ومن التجارة.
التجارة
والله خير الرازقين: أي فاطلبوا الرزق منه بطاعة وإتباع هداه.
معنى الآيات:
قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أي يا من صدقتم الله ورسوله {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ ١الْجُمُعَةِ٢} أي إذا أذن المؤذن بعد زوال يوم الجمعة وجلس الإمام على المنبر {فَاسَعَوْا٣ إِلَى ذِكْرِ٤ اللهِ} أي امضوا إلى ذكر الله الذي هو الصلاة والخطبة إذ بهما يذكر الله تعالى. وقوله {وَذَرُوا الْبَيْعَ٥} إذ هو الغالب من أعمال الناس، وإلا فسائر الأعمال يجب إيقافها والمضي إلى الصلاة.
وقوله {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أي ترك الأعمال من بيع وشراء وغيرها والمضي إلى أداء صلاة الجمعة وسماع الخطبة خير ثوابا وعاقبة.
وقوله تعالى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ} أي أديت وفرغ منها فانتشروا في الأرض أي لكم بعد انقضاء الصلاة أن تتفرقوا حيث شئتم في أعمال الدين والدنيا. تبتغون فضل الله، {وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً} أي أثناء تفرقكم وانتشاركم في أعمالكم اذكروا الله ولا تنسوه واذكروه ذكراً كثيراً لعلكم تفلحون أي رجاء فلاحكم وفوزكم في دنياكم وآخرتكم.
١ المراد من النداء: الأذان الذي يكون الإمام على المنبر إذ كان الأذان واحداً حتى زاد عثمان رضي الله عنه ثانياً حين كثر الناس بالمدينة. ٢ لفظ الجمعة: بضم كل من الجيم والميم، وبتسكين الميم، والجمع: جمع كغرفة وغرف وجمعات كغرفات وكان يومها يسمى العروبة بفتح العين وقيل أول من سماها الجمعة كعب بن لؤي وقيل: الأنصار، وأول جمعة صليت في الإسلام هي الجمعة التي جمع فيها أسعد بن زرارة ومصعب بن عمير أهل المدينة وصلوها زكانوا اثني عشر رجلا: وأول جمعة صلاها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة هي جمعته في بني سالم بن عوف وهو في طريقه من قباء إلى المدينة، وأول جمعة بعدها كانت بجواثي: قرية من قرى البحرين. ٣ ليس المراد بالسعي الجري واشتداد العدو وإنما هو المشي والمضي لحديث صحيح: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ولكن أئتوها وعليكم السكينة" ومن إطلاق السعي والمراد المضي والعمل لا غير قول الشاعر: أسعي على جل بني مالك كل امرئ في شأنه ساعي وفي القرآن: {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها} . ٤ ذكر الله: الصلاة والخطبة قبلها. ٥ لا خلاف في حرمة البيع والشراء عند الأذان الثاني.