أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء} ؟ أي فهل يمكنكم أن ترفعوا عنا بعض العذاب بحكم تبعيتنا لكم فأجابوهم بما أخبر تعالى به عنهم؟ {قالوا لو هدانا الله لهديناكم} ١ اعترفوا الآن أن الهداية بيد الله وأقروا بذلك، ولكنا ضللنا فأضللناكم {سواء علينا أجزعنا} اليوم {أم صبرنا مالنا من محيص} ٢ أي من مخرج من هذا العذاب ولا مهرب، وهنا يقوم إبليس خطيبا فيهم٣ بما أخبر تعالى عنه بقوله:{وقال الشيطان} أي إبليس عدو بنى آدم {لما قضي الأمر} بأن أدخل أهل الجنة الجنة وأدخل أهل النار النار {إن الله وعدكم عد الحق٤} بأن مم آمن وعمل صالحاً مبتعدا عن الشرك والمعاصي أدخله جنته وأكرمه في جواره، وأن من كفر وأشرك وعصى أدخله النار وعذبه عذاب الهون في دار البوار {ووعدتكم} بأن وعد الله ووعيده ليس بحق ولا واقع {فأخلفتكم} فيما وعدتكم به، وكنت في ذلك كاذباً عليكم مغرراً بكم، {وما كان لي عليكم من سلطان} أي من قوة مادية أكرهتكم بها على اتباعي ولا معنوية ذات تأثير خارق للعادة أجبرتكم بها على قبول دعوتي {إلا أن دعوتكم} أي لكن دعوتكم {فاستجبتم لي} إذاً {فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم} أي بمزيل صراخكم بما أغيثكم به من نصر وخلاص من هذا العذاب {وما أنتم} أيضاً {بمصرخي٥} ، أي بمغيثيَّ {إني كفرت بما أشركتمون من٦ قبل} إذ كل عابد لغير الله في الواقع هو عابد للشيطان إذ هو الذي زين له ذلك ودعاه إليه، و {إن الظالمين لهم عذاب أليم} أي المشركين لهم عذاب أليم موجع، وقوله تعالى:{وأدخل٧ الذين آمنوا} أي وأدخل الله الذين آمنوا أي صدَّقوا بالله وبرسوله وبما جاء به رسوله {وعملوا الصالحات} وهي العبادات التي تَعَبَّدَ الله بها عباده فشرعها
١ أي: لو هدانا الله إلى الإيمان لهديناكم إليه أو لو هدانا الله إلى طريق الجنة لهديناكم إليها. ٢ المحيص: مصدر ميمي كالمغيث والمشيب من غاب وشاب، وكذلك حاص يحيص حيصاً عن كذا: هرب ونجا، ويجوز أن يكون المحيص هنا اسم مكان أي: ما لنا من مكان نلجأ إليه وننجو فيه. ٣ أي: على منبر من نار. ٤ {وعد الحق} : يعني البعث والجنة والنار، وثواب المطيع وعقاب العاصي. فصدقكم وعده، ووعدتكم ألا بعث ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب. فأخلفتكم. (الصارخ) : والمستصرخ هو الذي يطلب النصر والمعاونة، المصرخ هو المغيث قال الشاعر: ولا تجزعوا إني لكم غير مصرخ وليس لكم عندي غَنَاء ولا نصر ٦ {بما أشركتمونِ} : الميم مصدرية والتقدير كفرت بإشراككم إيّاي مع الله تعالى. ٧ لمّا أخبر تعالى بحال أهل النار أخبر بحال أهل الجنة وهو أسلوب الترغيب والترهيب الذي امتاز به القرآن الكريم لأته كتاب هداية وإصلاح.