وذكر الله تعالى أن جميع الأنبياء عليهم السلام كانوا يقولون لأقوامهم:{يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف: ٥٩]. قالها نوح، وهود، وصالح، وشعيب، عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام.
وقالها النبي -صلى الله عليه وسلم- لقومه حتى إنهم عجبوا من هذه الدعوة إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة، وهي مقتضى كلمة التوحيد: لا إله إلا الله التي بلغها لهم، فقالوا مستعجبين كما ذكر الله عنهم:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}[ص: ٥].
وعَنْ رجل من بَنِي مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ (١) يَتَخَلَّلُهَا يَقُولُ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؛ تُفْلِحُوا»، قَالَ: وَأَبُو جَهْلٍ يَحْثِي عَلَيْهِ التُّرَابَ وَيَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا يَغُرَّنَّكُمْ هَذَا عَنْ دِينِكُمْ، فَإِنَّمَا يُرِيدُ لِتَتْرُكُوا آلِهَتَكُمْ، وَتَتْرُكُوا اللَّاتَ وَالْعُزَّى، قَالَ: وَمَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- .. الحديث (٢).
(١) موضع سوق بالجاهلية لهذيل بالقرب من عرفة في منتصف المسافة بينها وبين ما يسمى اليوم شرائع النخل، من ناحية جبل كبكب. ينظر: معالم مكة التأريخية والأثرية (٢٤٣)، معجم معالم الحجاز (١٥٠٢ - ١٥٠٣). (٢) أخرجه أحمد في المسند (٢٧/ ١٤٨) ح (١٦٦٠٣)، وقال في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد في كتاب المغازي والسير، باب تبليغ النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أرسل به وصبره على ذلك (٦/ ٢١ - ٢٢) ح (٩٨٣٠): "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح"، وقال محقق المسند (٢٧/ ١٤٨) ح (١٦٦٠٣): "إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين". (٣) طارق المحاربي له صحبة، يعد حديثه في الكوفيين. ينظر: الاستيعاب (٢/ ٧٥٦)، الاصابة (٣/ ٤١٤).