قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}[الحديد: ١٦] إلا أربع سنين"(١).
وقال السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية:"أي: ألم يجئ الوقت الذي تلين به قلوبهم وتخشع لذكر الله الذي هو القرآن، وتنقاد لأوامره وزواجره، وما نزل من الحق الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-؟! وهذا فيه الحث على الاجتهاد على خشوع القلب لله تعالى، ولما أنزله من الكتاب والحكمة، وأن يتذكر المؤمنون المواعظ الإلهية والأحكام الشرعية كل وقت، ويحاسبوا أنفسهم على ذلك، {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} أي: ولا يكونوا كالذين أنزل الله عليهم الكتاب الموجب لخشوع القلب والانقياد التام، ثم لم يدوموا عليه، ولا ثبتوا، بل طال عليهم الزمان واستمرت بهم الغفلة، فاضمحل إيمانهم وزال إيقانهم، {فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}، فالقلوب تحتاج في كل وقت إلى أن تذكر بما أنزله الله، وتناطق بالحكمة، ولا ينبغي الغفلة عن ذلك؛ فإن ذلك سبب لقسوة القلب وجمود العين"(٢).
[الفرع الثاني: خطر أعمال القلوب التي يبغضها الله]
يدل على خطورة أعمال القلوب الفاسدة ما يترتب على آثارها من العقوبات الربانية، فقد جعل -سبحانه وتعالى- ما يحصل في القلوب من فساد وآفات وخلل سببًا لتلك العقوبات الربانية، وفي ذلك تحذير لأهل الإيمان؛ لأجل أن يتفقدوا قلوبهم، ويحرصوا على سلامتها من هذه الآفات، ودونك شيئًا من ذلك:
١ - ختم الله على قلوب الكافرين وطبع عليها بسبب كفرهم؛ عقوبةً لهم: