وقال الذهبي رحمه الله:"فمن طلب العلم للعمل كسره العلم، وبكى على نفسه، ومن طلب العلم للمدارس والإفتاء والفخر والرياء تحامق، واختال، وازدرى بالناس، وأهلكه العُجْب، ومقتته الأنفس"(١).
[٢ - الحلم والأناة]
من أسباب الحكمة التحلي بخلق الحلم والأناة، وهما خلقان يحبهما الله، قال -صلى الله عليه وسلم- لأشج عبد القيس:«إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ، وَالْأَنَاةُ» الحديث (٢)، فمن رزقهما أو جاهد نفسه على التحلي بهما، فتح الله عليه الحكمة في دعوته، ونفع الله بها. وتفصيل هذين السببين كما يلي:
الأول: الحِلم:
هو في اللغة: يطلق على ترك العجلة، والعقل، والتثبت في الأمور (٣).
وفي الاصلاح: لا يبعد معناه الاصطلاحي عن معناه في اللغة، وهو: ضبط النّفس والطبع عند هيجان الغضب (٤) على ترك العجلة، وعلى التعقل والتثبت في الأمور (٥).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ (٦)، إِنَّمَا
(١) سير أعلام النبلاء (١٨/ ١٩٢). (٢) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بالإيمان بالله ورسوله، وشرائع الدين، والدعاء إليه (١/ ٤٨) ح (١٧). (٣) ينظر: مقاييس اللغة (٢/ ٩٣)، لسان العرب (١٢/ ١٤٦) مادة (حلم). (٤) ينظر: المفردات في غريب القرآن (٢٥٣). (٥) ينظر: مقاييس اللغة (٢/ ٩٣)، لسان العرب (١٢/ ١٤٦) مادة (حلم). (٦) وقال في الصحاح (٣/ ١٢٤٣) عن معنى الصرعة: "أي: يصرع الناس كثيرًا".