لينزل عليه ما هو إلا فيك!، فقالت: اللهم خيرا، فإني لم أبغ من نبيك إلا خيرا، قالت عائشة: فما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت أن نفسها تخرج فرقا أن تنزل الفرقة.
{قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما} إلى آخر القصة، ثم قال:«مريه أن يعتق رقبة»؟، فقالت: وأي رقبة!، والله ما يجد رقبة وماله خادم غيري، ثم قال:«مريه فليصم شهرين متتابعين»؟، فقالت: والله يا رسول الله ما يقدر على ذلك إنه ليشرب في اليوم كذا وكذا مرة، قد ذهب بصره مع ضعف بدنه، وإنما هو كالخرشافة!، قال:«فمريه فليطعم ستّين مسكينا»؟، قالت: وأنّى له!، قال: «فمريه فليأت أمّ المنذر بنت قيس، فليأخذ منها شطر وسق تمر (١)، فليتصدّق به على ستّين مسكينا»؟.
فرجعت إلى أوس، فتجده جالسا على الباب ينتظرها، وقال: يا خولة ما ورآك؟، قالت: خير وأنت ذميم، فأخبرته، وقالت: قد أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأتي أم المنذر بنت قيس، فتأخذ منها شطر وسق تمر نتصدق به على ستين مسكينا، قال:
فذهب من عندي يعدوا حتى جاء به على ظهره!، وعهدي به لا يحمل خمسة أصوع (٢)، فجعل يطعم مدين (٣) مدين من تمر، كل مسكين.
وفي رواية (٤): فقال لبنت عمه: أنت علي كظهر أمي!، فقالت والله لقد تكلمت بكلام عظيم ما أدري ما مبلغه، ثم عمدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم* [٩٢/ب] *فقصت أمرها وأمر زوجها عليه، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أوس بن الصامت، فأتاه، فقال:
رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ماذا تقول ابنة عمّك»؟، فقال: صدقت، قد تظهرت منها وجعلتها
(١) الوسق: مكيال قدره حمل بعير، أو ستون صاعا، سعة/١٦٥ لترا، انظر: معجم لغة الفقهاء (ص ٥٠٢). (٢) الصاع: وحدة من وحدات المكاييل، ومقداره ٤ أربعة أمداد، انظر: معجم لغة الفقهاء (ص ٢٧٠). (٣) المد: مكيال، وهو رطلان عند الحنفية، ورطلا وثلثا عند الأئمة الثلاثة، انظر: معجم لغة الفقهاء (ص ٤١٧). (٤) طبقات ابن سعد (ج ٨ ص ٣٧٨).