ويتعينُ أنْ يقاتلَ كلُّ قومٍ مَن يليهِم من الكفارِ (١)؛ لقولِه تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ﴾ (التوبة: ١٢٣). ويُسنُّ دعوةُ الكفارِ إلى الإسلامِ قبلَ القتالِ، لمن بلغَتْه الدعوَى (٢). ويحرمُ القتالُ قبلَ الدعوةِ، لمن لم تبلغْهُ الدعوَى (٣). وقيدَ الهمامُ ابنُ القيمِ وجوبَ الدعوةِ لمن لم يبلغْه واستحبابَها أن بلغَتْه، بما إذا قصدَ الكفارَ المسلمينَ (٤)، أما إذا كانَ الكفارُ قاصدينَ المسلمينَ بالقتالِ، فلِلْمسلمينَ قتالُهم من غيرِ دعوةٍ؛ دفعًا عن نفوسِهم وحريمِهم (٥). والأمرُ بالجهادِ للإمامِ، ويلزمُ الرعيهَ طاعتُه (٦).
فائدة: مُنِعَ النبيُّ ﷺ من نزْعِ لأمةِ الحربِ إذا لبِسَها حتى يلقَى العدوَّ (٧) - واللأمةُ: الدرع (٨) -، ومُنِعَ ﷺ أيضًا من الرَّمز (٩) بالعينِ،
= قال الهيثمي: "وإسناده منقطع، ورجاله إلى يحيى ثقات" ٩/ ٤١٠. ورواه البيهقي في السنن عن: ابن شهاب، عن ابن المسيب، (١٨٩٥٢) ٩/ ٨٥. قال في المعرفة: "فهذا وإن كان أيضًا منقطعًا فمراسيل ابن الصسيب أقوى من مراسيل غيره". وصححه الحاكم في مستدركه ٣/ ٨٥. ورواه ابن أبي شيبة من طريق قيس بن أبي حازم (١٩٥٢٢) ٤/ ٢٢٦، صححه الألباني في الإرواء ٥/ ١٤. (١) انظر: مختصر الخرقي ١٢٨، المقنع ١٣٦، المحرر ٢/ ١٧٠. (٢) انظر: المغني ١٣/ ٣٠، الإقناع ٢/ ٦٧، شرح منتهى الإرادات ١/ ٦٣٣. (٣) انظر: الهداية ١٣٥، الشرح الكبير ١٠/ ٤٣١، شرح الزركشي ٣/ ١٦٩. (٤) كذا في الأصل. ولعل الأشبه: (المسلمون)؛ لأن المسألة مفترضة في كون المسلمين هم القاصدون، فهم فاعل. (٥) انظره في: أحكام أهل الذمة ١/ ٨٨. (٦) انظر: المغني ١٣/ ٣٣، المحرر ٢/ ١٧٠، الفروع ١٠/ ٢٤٠. (٧) ذكر ذلك البخاري في صحيحه بغير إسناد في كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة، باب قول الله تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ (آل عمران: ١٥٩). وفيه أنه ﷺ قالَ: "لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إِذَا أَخَذَ لْأمَةَ الْحَرْبِ وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْخُرُوج إِلَى الْعَدُوِّ أَنْ يَرْجِعَ حَتَّى يُقَاتِلَ". وأخرجه أحمد في المسند من حديث جابر ﵁ (١٤٧٨٧) ٢٣/ ٩٩، والبيهقي في سننه عن عُروة (١٣٦٦١)، وذكر انقطاعًا في سنده، ثم أورده من وجه آخر موصولًا بإسناد حسن ٧/ ٤٠. وانظر: البدر المنير ٧/ ٤٤٨. (٨) وتطلق على السلاح كله. انظر مادة: (لام)، الصحاح ٥/ ٢٠٢٧، المحيط في اللغة ١٠/ ٣٦٠، تهذيب اللغة ١٥/ ٢٨٦. (٩) الرمزُ: هو الإشارة والإيماء بالعَينَين أو الحاجبَين، ويطلق على كل إشارة خفية سواء كانت صوتًا خفيًا، أو غمزًا بالحاجب، أو إشارة بالشفة. ومن لطيف ما قيل في ذلك: =