الضمانُ مشتقٌ من الضمِّ (١). ورُدَّ: بأنَّ لامَ الكلمةِ في الضمِّ ميمٌ، وفي الضمانِ نونٌ. وأجيبَ: بأنهُ من الاشتقاقِ الأكبرِ (٢)، وهو المشاركةُ في أكثرِ الأصول، معَ ملاحظةِ المعنَى. وقالَ القاضي:"مشتقٌ منَ التَّضمِينِ؛ لأنَّ ذمةَ الضامنِ تتضمنُ الحقَّ"(٣). وقالَ ابن عقيل:"منَ الضِّمْن، فذمَّةُ الضامنِ في ضمنِ ذمةِ المضمونِ عنهُ؛ لأنهُ زيادةٌ وثيقةٌ"(٤). وهو جائزٌ إجماعًا (٥)؛ لقولِه تعالى: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف: ٧٢]. قالَ ابنُ عباسٍ:"الزعيمُ: الكفيلُ"(٦)
(١) بمعنى: ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق. انظر: الهداية ١٩١، المغني ٦/ ٧١، الممتع ٣/ ٢٤٨، الإنصاف ٥/ ١٨٨. (٢) الاشتقاق الأكبر هو: أن تأخذ أصلًا من الأصول الثلاثية، فتعقدَ عليه وعلى تقاليبه الستةِ معنى واحدًا، تجتمع هذه التراكيبُ الستة وما يتصرف من كل واحد منها عليه، نحو مادة: (ك ل م)، فإنه يتركب منها: (كلم) و (كمل) و (مكل) و (ملك) و (لكم) و (لمك)، والمعنى الجامع لها: الشدة. ومن ذلك تقليب: (س م ل) إلى: (سمل) و (سلم) و (مسل) و (ملس) و (لمس) و (لسم) والمعنى الجامع لها: الإصحاب والملاينةُ، وهو أعقد شأنا من الاشتقاق الأصغر. ولم يقل به إلا أبو الفتح بن جني. ويقابله الاشتقاق الأصغر، وهو المعتبر في الباب. وهو: أن تركب اشتقاقات أصل من الأصول على معنى واحد. كأن تبني مادة: (سلم) فقط على معنى السلامة، فتشتق منها: سلام، وسليم، وإسلام .. إلخ. انظر: الخصائص لابن جني ٢/ ١٣٤، توضيح المقاصد بشرح ألفية ابن مالك ٣/ ١٥٢٧. (٣) نقله عنه في المطلع، وصوَّبه، ٢٤٨، وفي الممتع ٣/ ٢٤٨. وانظر في هذا الأصل: مادة: (ضمن)، المصباح المنير، الصحاح ٦/ ٢١٥٥، القاموس المحيط ١٥٦٤، مقاييس اللغة. (٤) نقله عنه في المطلع ٢٤٨، والمستوعب ٢/ ٢٢١، وانظر في هذا الأصل: مادة: (ضمن)، المحيط في اللغة ٨/ ٢٧، كتاب العين ٧/ ٥٠. (٥) حكاه ابن المنذر في الإجماع ١٤١، وابن قدامة في المغني ٧/ ٧٢. (٦) أخرجه الطبري في تفسيره (١٩٥٤٣) ١٦/ ١٧٨. وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن المنذر ٤/ ٥٦٠، وأخرجه الطبراني في الكبير، في سياق سؤال نافع بن الأزرق لابن عباس عن كلمات في القرآن وشاهدها من كلام العرب في سياق طويل (١٠٦١٩) ١٠/ ٢٤٨. قال الهيثمي: "فيه جويبر، وهو متروك" ٦/ ٣٣٨.