السلمُ لغةُ أهلِ الحجاز، والسلفُ لغةُ أهلِ العراقِ. وهما في اللغةِ شيءٌ واحدٌ. وسميَ سلمًا، لتسليمِ رأسِ المالِ في المجلس، وسلفًا، لتقديمِه (١). وهو:"عقدٌ عَلى شيءٍ يصحُّ بيعُهُ، موصوفٍ في الذمَّة، مؤجلٍ، بثمنٍ مقبُوضٍ في مجلسِ العقدِ"(٢). وهو جائزُ بالإجماعِ (٣)، لقولِه تعالى: ﴿إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَينٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ (البقرة: ٢٨٢)، ومِن حديثِ ابنِ عباس قوله ﷺ:"مَنْ أَسْلَفَ في شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلِ مَعْلُومٍ". متفق عليه (٤). وهوَ جائزٌ في المعدوم بالصفة، بخلافِ البيع، يجوزُ في المَوجودِ.
(يَنْعَقِدُ) أي: السلمُ (بِكُلِّ)(٥) لفظٍ (يَدُلُّ عَلَيهِ) أي: على السلم، كأسلمْتكَ هذا الدينارَ في كذَا من القمحِ (٦). (وَ) ينعقدُ السلمُ (بِلَفْظِ الْبَيعِ)(٧)؛ لأنه نوعٌ منه. (وَشُرُوطُهُ) أي: شروطُ السلم (سَبْعَةُ) أشياءٍ:
(أَحَدُهَا): كونُ مسلَمٍ فيه مما يمكنُ (انْضِبَاطُ صِفَاتٍ (٨) فِيهِ) (٩)؛ لأنَّ ما لا
(١) أصل السلم: في الصحة والعافية، ومنه: السلامة، وهي خلوصه من الأذى. واسم الله (السلام)، لأنه خالص من العيوب والنقص، والسَّلَم في البيع، كأنه سلِم من الإباء، بأن لم يمتنع عن تسليمِ المالِ في المجلس. انظر مادة: (سلم)، الصحاح ٥/ ١٩٥١، مقاييس اللغة ٤٦٥، النهاية في غريب الحديث ١/ ٧٩٨. (٢) انظر: الوجيز ١٩١، المطلع ٢٤٥، التوضيح ٢/ ٦٤٥. (٣) حكاه ابن المنذر في الإجماع ١٣٤، وحكاه عنه ابن قدامة في المغني ٦/ ٣٨٥. (٤) أخرجه البخاري - بهذا اللفظ - لكن ملفق من إسنادين، اختلفا في شيخ البخاري فقط. في كتاب السلم، باب السلم في وزن معلوم (٢٢٤١، ٢٢٤٠) ٢/ ٧٨١، وأخرجه مسلم بلفظ: "مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ .. " في كتاب المساقاة، باب السلم (١٦٠٤) ٣/ ١٢٢٦. (٥) في المطبوع: زيادة: "مَا". (٦) انظر: الهداية ١٧٩، الكافي ٢/ ١٠٨، الوجيز ١٩١. (٧) انظر: المستوعب ٢/ ١٤٧، المقنع ١٧٢، الرعاية الصغرى ١/ ٣٣٨، الفروع ٦/ ٣١٨. (٨) في المطبوع: زيادة: "المُسْلَم". (٩) انظر: الهداية ١٧٩، شرح الزركشي ٢/ ٩٩، الإقناع ٢/ ٢٧٩.