عائشةَ عامٌّ، وحديثُ أمِّ سلمةَ خاصٌّ (١)، فيحمَلُ العامُّ علَيه، وأيضًا: فحديثُ أمِّ سلمةَ من قولِهِ ﷺ، وحديثُ عائشةَ من فعلِه، وقولُه ﷺ مقدَّمٌ على فعلِه؛ لاحتمال الخصوصيَّةِ. قال في "الإقناع": "فإن فعلَ" بأنْ أخذَ شَيئًا من شعْرِهِ أو ظفرِه "تابَ"، أي: من ذلكَ الفعلِ؛ لأنه ذنبٌ، والتوبةُ واجبةٌ من كل ذنب (٢). قال شيخنا -رحمه الله تعالى- في "شرحه على الإقناع": "قلت: وهذا إذا كانَ لغيرِ ضرورةٍ. وإلَّا فَلا إثمَ؛ كالمُحرِم، وأولَى"(٣). وليس عليه فِديَةٌ سواءٌ فعلَه عمدًا أو سهوًا (٤). (وَيُسَنُّ حَلْقٌ بَعْدَهُ) أي: بعدَ الذبح (٥). قال أحمد:"على ما فعلَه ابنُ عمرَ تعظيمًا لذلكَ اليومِ"(٦)، ولأنه (كان)(٧) ممنوعًا من ذلكَ قبلَ أن يضحِيَ، فاستُحِبَّ له ذلكَ بعدَه كالمُحرِم.
(فَصْلٌ) في: الْعَقِيقَةِ
وهي النسيكةُ، وهي الَّتي تذبحُ عن المولودِ (٨). قال أبُو عُبَيدٍ (٩): "الأصلُ في العقِيقةِ: الشَّعرُ الَّذي عَلَى المولُودِ، ثم إنَّ العربَ سمَّتِ الذَّبِيحَةَ عندَ حلقِ الشَّعرِ -شعرِ
= كتاب الحج، باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب بنفسه (١٣٢١) ٢/ ٩٥٧. (١) الخاص لغة: مقابل العام. واصطلاحًا: هو اللفظ الدال على شيء بعينه. ومفاده: التخصيص، وهو: قصر العام على بعض أجزائه. أو هو بيان المراد باللفظِ العام. وهذا الأخير يطلق على ما ورد بلفظ عام ولفظ خاص، لا ما كان خاصًا ابتداء. انظر: شرح مختصر الروضة ١/ ٥٥٠، التحبير ٦/ ٢٥٠٩، العدة في أصول الفقه ١/ ٧٤. (٢) نقلُ المؤلف هنا عن الإقناع ممتزج بشرح شيخه على الإقناع. وقد ميَّزت كلام الإقناع بعلامة التنصيص "". وانظر كلام الإقناع في: ٢/ ٥٣. وسيأتي توثيق كلام الشارح. (٣) انظره في: كشاف القناع ٣/ ٢٣. (٤) انظر: الكافي ١/ ٤٧١، الإنصاف ٤/ ١٠٩، شرح منتهى الإرادات ١/ ٦١٤. (٥) انظر: الشرح الكبير ٣/ ٥٨٥، المستوعب ١/ ٦٥٢، منتهى الإرادات ١/ ٢١٦. (٦) نقله عنه ابن مفلح في الفروع ٦/ ١٠٣، والمرداوي في الإنصاف ٤/ ١١٠. (٧) زيادة يقتضيها السياق. (٨) والجمع: أعِقَّة وعقائق. انظر مادة: (عقق)، المصباح المنير ٣٤٤، النهاية في غريب الحديث ٢/ ٢٣٧، المعجم الوسيط ٢/ ٦١٦، الإقناع ٢/ ٥٣. (٩) هو: أبو عُبيد، القاسم بن سلَّام بن عبد الله الأزدي الهروي مولاهم البغدادي. تقدمت ترجمته في الجزء الأول.