افتتح كتابه بهذا الاسم الأعظم، الموصوف بكمال المبالغة في الرحمة وما دونه (١)؛ اقتداءً بالفرقان المنزل على رسوله المفضل ﷺ وعَظَّم وكَرَّم، وتبركًا بذكر اسم الباري ﷻ. والباء للملابسة، أو للاستعانة. وقيل: للتعدية (٢)؛ وعملًا بالحديث الشريف، من رواية الخطيب (٣)، من قوله ﷺ:"كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر"(٤)، أي: ذاهب البركة (٥). والرحمن أبلغ من الرحيم (٦)؛ لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى. وقُدّم (٧)؛ لأنه كالعلم، من حيث أنه لا يوصف به غيره تعالى؛ لأن معناه: المنعم الحقيقي البالغ في الرحمة غايتها (٨)،
(١) هذا التعبير غير لائق، فلو قيل: الموصوف بالكمال، أو بمنتهى الكمال، أو بغاية الكمال في الرحمة، لكان أولى من أن يقال: بكمال المبالغة. أما وصف الله بالكمال وما دونه، أي: ما دون الكمال، فهذا تعبير غير مستقيم. (٢) ينظر: معاني القرآن ١/ ٥١، تفسير البحر المحيط ١/ ١٢٣، مغني اللبيب ص ١٣٩. (٣) هو: الحافظ، أبو بكر الخطيب، أحمد بن علي بن ثابت البغدادي ﵀، ولد سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، من مصنفاته: "تاريخ بغداد"، و"الفقيه والمتفقه"، و"تقييد العلم". توفي ببغداد سنة ثلاث وستين وأربع مائة. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٨/ ٢٧٠، الوافي بالوفيات ٧/ ١٢٦. (٤) هو من حديث أبي هريرة ﵁. الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ٢/ ٦٩، وقال الألباني في الإرواء ١/ ٢٩: "ضعيف جدًّا". (٥) ينظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ٩٣. (٦) ينظر: الفروق اللغوية للعسكري ص ١٦٠، تفسير ابن كثير ١/ ٢١. (٧) أي: قُدِّم الرحمن على الرحيم. (٨) قال العنقري في حاشيته ١/ ٥ - ٦ عند قول صاحب الروض المربع: "لأن معناه المنعم الحقيقي البالغ في الرحمة غايتها" قال معلقًا: "هذا على تأويل الأشاعرة"، وقال: "والذي عليه أهل السُّنَّة: إثبات صفة الرحمة حقيقة، مع القطع بأنها ليست كرحمة المخلوق، ومن =