للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمِلكٍ، أو ببذلِ إمامٍ أو نائبِه (١)، قدرَ (مَا يَكْفِيْهِ) لمؤنتِهِ، (و) قدرَ ما (يَكْفِي) لمؤنةِ (أَهْلِهِ) (٢) منْ زوجةٍ وأولادٍ، ومؤنةِ عيالِه -من خدمٍ- (٣)؛ لقوله تعالى: (وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ) الآية (التوبة: ٩١).

(و) لا يجب الجهادُ إلا على منْ (يَجِدُ) -إذا كانَ سمرُه إلى الجهادِ (مَعَ مَسَافةِ قَصْرٍ) فأكثرَ من بلدِه- (مَا يَحْمِلُهُ) من دابةٍ وآلةٍ ونحوهَا (٤)، كحجٍّ؛ لقولِه تعالى: ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ) الآية (التوبة: ٩٢). ويعتبرُ أن يكونَ ذلكَ فاضلًا عن قضاءَ دينِه، وأجرةَ مسكنِه، وحوائجِه (٥)، كالحجِّ. وإن بذلَ لهُ غيرُ الإمامِ أو نائبِه ما يجاهدُ بهِ لم يصِرْ مستطيعًا (٦)، كما تقدمَ في الحجِّ (٧). قال شيخُ الإسلامِ -الشيخُ تقيُّ الدينِ-: "الأَمرُ بالجِهَادِ"؛ يعني: الجهادَ المأمورَ به "منهُ ما يكونُ بالقلبِ"، كالعزمِ عليهِ، "والدَّعوَةِ" إلى الإسلامِ وشرائعِه، "وَالحجَّةِ"، أي: إقامتِها على المبطِلِ، "وَالبيَانِ"، أي: بيانِ الحقِّ، وإزالةِ الشبهةِ، "والرَّأيِ والتَّدبِيرِ" فيما فيهِ نفعُ المسلمينَ، "وَالبدَنِ"، أي: القتالِ بنفسِه. "فيجِبُ الجهَادُ بغَايةِ ما يمكنُه منْ هذِه الأمورِ" (٨). قال شيخُنا: "ومنه: هجوُ الكفارِ كما كانَ حسَّانُ (٩) -رضيَ اللهُ تعالَى عنهُ- يهجُو


(١) انظر: المبدع ٣/ ٣٠٩، التوضيح ٢/ ٥٤٧، معونة أولي النهى ٣/ ٥٨٥.
(٢) في المطبوع: زيادة: "في غيبته".
(٣) انظر: المغني ١٣/ ١٠، الفروع ١٠/ ٢٢٥، غاية المنتهى ١/ ٤٤٢.
(٤) انظر: الهداية ١٣٤، الكافي ٤/ ٢٥٣، معونة أولي النهى ٣/ ٥٨٦.
(٥) انظر: المبدع ٣/ ٣٠٩، شرح منتهى الإرادات ١/ ٦١٨، مطالب أولي النهى ٢/ ٥٠١.
(٦) انظر: كشاف القناع ٣/ ٣٦، مطالب أولي النهى ٢/ ٥٠١.
(٧) أي: في كون الاستطاعة لا تحصل بتبرع الغير.
(٨) ما بين القوسَين هو كلام شيخ الإسلام. انظره في: الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية ٤٤٧. والمصنِّف قد دمج بين كلام الشيخ وشرح شيخه البهوتي في كشاف القناع ٣/ ٣٦.
(٩) هو: أبو الوليد، حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري الخزرجي. (قبل الهجرة بـ ٨٠ سنة- قبل ٤٠ هـ). شاعر رسول الله ، روى عن النبي ، وروى عنه: سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعروة بن الزبير. كان له منبر يقوم عليه في المسجد ينشد الشعر في هجاء المشركين، ولم يشهد مع النبي شيئًا من مشاهده. انظر: أسد الغابة ٢/ ٥، الاستيعاب ١/ ٣٤١، الإصابة ٢/ ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>