ويسن للمصاب الصبر الكامل (١)، والصبر معناه: حبس النفس (٢)، وفي الصبر على موت الولد أجر كبير، وقد وردت الأخبار بذلك؛ فمنها ما روي في "الصحيحين" من قوله ﷺ: "لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلَّا تحلة القسم"(٣)، يشير ﷺ لقوله تعالى:(وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا)[مريم: ٧١]، والصحيح من تفسير هذه الآية، أن المراد به: المرور على الصراط (٤). ومن رواية البخاري: أنه ﵊ قال: "يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا، ثم احتسبه، إلَّا الجَنَّة"(٥).
قال صاحب "المنتهى" في "شرحه": "اعلم أن الثواب في المصائب على الصبر عليها، لا على المصيبة نفسها، فإنها ليـ[ــــسـ]ــت (٦) من كسبه، وإنما يثاب على كسبه، والصبر من كسبه"(٧). والرضى بالقضاء فوق الصبر؛ فإنه يوجب رضى الله ﷾. وقد أوضحت أحكام الصبر، وذكر أقسامه، وفائدته، وأدلته وما ورد في ثوابه، في أكثر من كراسة، في باب يخصه، وكذلك أحكام المصيبة في الباب الثالث (٨)، [وكذلك المصيبة، وما يتعلق بها في الباب الثاني]، في كتابي:"حقائق العيون الباصرة"(٩) فراجعه إن أردت وقوفًا.
(١) ينظر: الفروع ٣/ ٣٩٦، الإقناع ١/ ٣٨٤، المنتهى ١/ ١١٨. (٢) ينظر: مختار الصحاح ص ١٤٩، مادة: (صبر)، المطلع ص ١٤٤. (٣) هو من حديث أبي هريرة ﵁. صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب فضل من مات له ولد فاحتسب، رقم (١١٩٣)، ١/ ٤٢١، ومسلم، كتاب البر والصلة، رقم (٢٦٣٢)، ٤/ ٢٠٢٨. (٤) ينظر: تفسير الطبري ١٦/ ١١٢، فتح القدير ٣/ ٣٤٤. (٥) هو من حديث أبي هريرة ﵁. صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب العمل الذي يبتغي به وجه الله فيه سعد، رقم (٦٠٦٠)، ٥/ ٢٣٦١. (٦) في الأصل: (ليت). (٧) لم أقف عليه في معونة أولي النهى، ونقله عنه في كشاف القناع ٤/ ٢٨٧. وقاله قبله شيخ الإسلام كما في مختصر الفتاوى المصرية ص ٣٦٠. (٨) كتب في الأصل: في باب يخصه، ثم أضاف (ال) في باب، وكتب الثالث فوق كلمة يخصه. (٩) الباب الثاني: ٢٣/ أ. في المصيبة، وما يتعلق بها. الباب الثالث: ٢٧/ أ. وفيه أربعة فصول: الفصل الأول: في الصبر وأنواعه. الفصل الثاني: في المصاب، وله حالتان: حالة تجلد وتصبر واحتساب، وحالة تضجر وانزعاج واكتراب. الفصل الثالث: في تسلي المصاب، ممن فقد الأولاد والأحباب. الفصل الرابع: في فضل =