ويجب من الصبر ما يمنع المصاب عن المحرم (١). ويكره للمصاب تغير حاله، من خلع ردائه، ونحوه (٢).
(ولا بأس بالبكاء على الميت)(٣) روي في "الصحيحين" عن النبي ﷺ: "أنه لما رفع إليه ابن بنته (٤) فاضت عيناه، ونفسه تقعقع، كأنها في شنَّة - أي: لها صوت، وحشرجة؛ كصوت ما ألقي في قربة بالية (٥) - قال له سعد (٦): ما هذا يا رسول الله؟! قال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء"(٧). والحشرجة - بحاء مهملة، وشين معجمة، وراءٍ مهملة، وجيم معجمة -: الغرغرة عند الموت، وتردد النفس (٨).
(ويحرم الندب؛ وهو البكاء مع تعداد محاسن الميت)(٩) كقوله: واسيداه، واجبلاه، ونحوه (و) يحرم (١٠)(النياحة (١١)، وهي رفع الصوت بذلك برنة) (١٢)
= من مات له من الأولاد، وفي شفاعتهم له يوم القيامة. (١) ينظر: الفروع ٣/ ٣٩٦، الإقناع ١/ ٣٨٤، غاية المنتهى ١/ ٢٨٣. (٢) ينظر: الحاوي الصغير ص ١٣٣، الإنصاف ٦/ ٢٧٩، معونة أولي النهى ٣/ ١١٩. (٣) ينظر: بلغة الساغب ص ١٠٦، الإنصاف ٦/ ٢٧٧، شرح المنتهى ٢/ ١٥٦. (٤) في تحديد بنت النبي ﷺ، وابنها، وهل هو ولد أو بنت عدة احتمالات؛ لاختلاف الروايات، ذكرها الحافظ في فتح الباري ٣/ ١٥٦، وصوَّب أن بنت النبي ﷺ هي زينب، وأن الولد صبية، وهي أمامة بنت أبي العاص ﵁، وأنها قاربت أن تقبض، ولم تقبض، حيث عاشت بعد النبي ﷺ، وتزوجها علي ﵁ بعد وفاة فاطمة ﵂. (٥) ينظر: تفسير غريب ما في الصحيحين ص ٣٨٤. (٦) هو: سيد الخزرج، أبو ثابت، سعد بن عُبادة بن دُلَيْم الأنصاري الساعدي ﵁، اختلف في شهوده بدرًا، وهو صاحب راية الأنصار في المشاهد، وكان سيدًا، جوادًا، ذا رياسة، غيورًا، شديد الغيرة، وسار بعد وفاة النبي ﷺ إلى الشام، فأقام بحوران إلى أن مات سنة خمس عشرة. ينظر: أسد الغابة ٢/ ٤٢٢، الإصابة ٣/ ٦٥. (٧) هو من حديث أسامة بن زيد ﵄. صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبي ﷺ: "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه" إذا كان النوح من سُنَّته، رقم (١٢٢٤)، ١/ ٤٣١، ومسلم، كتاب الجنائز، رقم (٩٢٣)، ٢/ ٦٣٥. (٨) ينظر: العين ٣/ ٣٢٧، لسان العرب ٢/ ٢٣٧، مادة: (حشرج). (٩) ينظر: المطلع ص ١٢١، الدر النقي ٢/ ٣١٥. (١٠) كذا في الأصل. والأنسب أن يقال: (تحرم). (١١) ينظر: بلغة الساغب ص ١٠٦، الإنصاف ٦/ ٢٨٠، الروض المربع ٣/ ٧٠٧. (١٢) ينظر: المطلع ص ١٢١، الدر النقي ٢/ ٣١٥.