الدِّينِ الَّذِي تَبْتَغِي، فَهُوَ يُخْبِرُكَ عَنْهُ. قَالَ سَلْمَانُ: فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ حَيْثُ وُصِفَ لِي، فَوَجَدْتُ النَّاسَ قَدْ اجْتَمَعُوا بِمَرْضَاهُمْ هُنَالِكَ، حَتَّى خَرَجَ لَهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، مُسْتَجِيزًا مِنْ إحْدَى الْغَيْضَتَيْنِ إلَى أُخْرَى، فَغَشِيَهُ النَّاسُ بِمَرْضَاهُمْ، لَا يَدْعُو لِمَرِيضٍ إلَّا شُفِيَ، وَغَلَبُونِي عَلَيْهِ، فَلَمْ أَخْلُصْ إلَيْهِ حَتَّى دَخَلَ الْغَيْضَةَ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ، إلَّا مَنْكِبِهِ. قَالَ: فَتَنَاوَلْتُهُ: فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ وَالْتَفَتَ إلَيَّ، فَقُلْتُ:
يَرْحَمُكَ اللَّهُ، أَخْبِرْنِي عَنْ الْحَنِيفِيَّةِ دِينِ إبْرَاهِيمَ. قَالَ: إنَّكَ لَتَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ مَا يَسْأَلُ عَنْهُ النَّاسُ الْيَوْمَ، قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ بِهَذَا الدِّينِ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ، فَأْتِهِ فَهُوَ يَحْمِلُكَ عَلَيْهِ. قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَلْمَانَ: لَئِنْ كُنْتَ صَدَّقْتَنِي يَا سَلْمَانُ، لَقَدْ لَقِيتُ عِيسَى بن مَرْيَمَ [١] ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ.
ذِكْرُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ وَعُثْمَانَ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ [٢]
(بَحْثُهُمْ فِي الْأَدْيَانِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ يَوْمًا فِي عِيدٍ لَهُمْ عِنْدَ صَنَمٍ مِنْ أَصْنَامِهِمْ، كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ وَيَنْحَرُونَ لَهُ، وَيَعْكُفُونَ عِنْدَهُ، وَيُدِيرُونَ [٣] بِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ عِيدًا لَهُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمًا، فَخَلَصَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ نَجِيًّا [٤] ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَصَادَقُوا وَلْيَكْتُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، قَالُوا: أَجَلْ. وَهُمْ: وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ،
[١] قَالَ السهيليّ عِنْد الْكَلَام على هَذَا الحَدِيث: «إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث مَقْطُوع. وَفِيه رجل مَجْهُول، وَيُقَال إِن الرجل هُوَ الْحسن بن عمَارَة، وَهُوَ ضَعِيف بِإِجْمَاع مِنْهُم فان صَحَّ الحَدِيث فَلَا نَكَارَة فِي مَتنه» .ثمَّ تصدى السهيليّ لتأييده على فرض صِحَّته نَاقِلا عَن الطَّبَرِيّ فِي كَلَام طَوِيل رَأينَا أَن نجتزئ هُنَا بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ.[٢] كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول. وَفِي أ: «أَمر النَّفر الْأَرْبَعَة المتفرقين فِي عبَادَة الْأَوْثَان فِي طلب الْأَدْيَان» .[٣] فِي أ: «يدورون» . وهما بِمَعْنى.[٤] النجي: الْجَمَاعَة يتحدثون سرا عَن غَيرهم، وَيَقَع للاثنين وَالْجَمَاعَة بِلَفْظ وَاحِد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute