صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ مَا أَمَرَ بِهِ لِلْقَوْمِ، وَقَالَ: أَمَا إنَّهُ لَيْسَ بِشَرِّكُمْ مَكَانًا، أَيْ لِحِفْظِهِ ضَيْعَةَ أَصْحَابِهِ، وَذَلِكَ الَّذِي يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(ارْتِدَادُهُ وَتُنَبَّؤُهُ) :
قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَجَاءُوهُ بِمَا أَعْطَاهُ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إلَى الْيَمَامَةِ ارْتَدَّ عَدُوُّ اللَّهِ وَتَنَبَّأَ وَتَكَذَّبَ لَهُمْ، وَقَالَ: إنِّي قَدْ أُشْرِكْتُ فِي الْأَمْرِ مَعَهُ. وَقَالَ لِوَفْدِهِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ: أَلَمْ يَقُلْ لَكُمْ حِينَ ذَكَرْتُمُونِي لَهُ: أَمَا إنَّهُ لَيْسَ بِشَرِّكُمْ مَكَانًا، مَا ذَاكَ إلَّا لَمَا كَانَ يَعْلَمُ أَنِّي قَدْ أُشْرِكْتُ فِي الْأَمْرِ مَعَهُ، ثُمَّ جَعَلَ يَسْجَعُ لَهُمْ الْأَسَاجِيعَ [١] ، وَيَقُولُ لَهُمْ فِيمَا يَقُولُ مُضَاهَاةً [٢] لِلْقُرْآنِ: «لَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى الْحُبْلَى، أَخْرَجَ مِنْهَا نَسَمَةً تَسْعَى، مِنْ بَيْنَ صِفَاقٍ [٣] وَحَشًى» . وَأَحَلَّ لَهُمْ الْخَمْرَ وَالزِّنَا، وَوَضَعَ عَنْهُمْ الصَّلَاةَ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَشْهَدُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ نَبِيٌّ، فَأَصْفَقَتْ [٤] مَعَهُ حَنِيفَةُ عَلَى ذَلِكَ، فاللَّه أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ.
قُدُومُ زَيْدِ الْخَيْلِ فِي وَفْدِ طيِّئ
(إِسْلَامُهُ وَمَوْتُهُ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدُ طيِّئ، فِيهِمْ زَيْدُ الْخَيْلِ، وَهُوَ سَيِّدُهُمْ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إلَيْهِ كَلَّمُوهُ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامَ، فَأَسْلَمُوا، فَحَسُنَ إسْلَامُهُمْ؛ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ مِنْ رِجَالِ طيِّئ، مَا ذُكِرَ لِي رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ بِفَضْلِ، ثُمَّ جَاءَنِي، إلَّا رَأَيْتُهُ دُونَ مَا يُقَالُ فِيهِ، إلَّا زَيْدَ الْخَيْلِ: فَإِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ كُلَّ مَا كَانَ فِيهِ، ثُمَّ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ الْخَيْرِ، وَقَطَعَ لَهُ فَيْدًا [٥] وَأَرَضِينَ مَعَهُ، وَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ. فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[١] فِي أ: «السجعات» .[٢] مضاهاة: مشابهة.[٣] الصفاق: مارق من الْبَطن.[٤] أصفقوا على ذَلِك: أَجمعُوا عَلَيْهِ.[٥] فيد: اسْم مَكَان بشرقى سلمى أحد جبل طيِّئ. وَهُوَ الّذي ينْسب إِلَيْهِ حمى فيد. (الْبكْرِيّ) .٣٧- سيرة ابْن هِشَام- ٢
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute