وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا وِبَارًا تَتَبَّعَتْ ... شِعَابَ حِجَازٍ غَيْرِ ذِي مُتَنَفَّقِ [١]
غَزْوَةَ ذِي قَرَدٍ
(غَارَةُ ابْنِ حِصْنٍ عَلَى لِقَاحِ الرَّسُولِ) :
ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، فَلَمْ يُقِمْ بِهَا إلَّا لَيَالِيَ قَلَائِلَ، حَتَّى أَغَارَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ [٢] ، فِي خَيْلٍ مِنْ غَطَفَانَ عَلَى لِقَاحٍ [٣] لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغَابَةِ [٤] ، وَفِيهَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ [٥] وَامْرَأَةٌ لَهُ، فَقَتَلُوا الرَّجُلَ، وَاحْتَمَلُوا الْمَرْأَةَ فِي اللِّقَاحِ.
(بَلَاءُ ابْنِ الْأَكْوَعِ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَمَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، كُلٌّ قَدْ حَدَّثَ فِي غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ [٦] بَعْضَ الْحَدِيثِ [٧] : أَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ نَذَرَ [٨] بِهِمْ سَلَمَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْأَكْوَعِ الْأَسْلَمِيُّ، غَدا يُرِيدُ الْغَابَةَ مُتَوَشِّحًا قَوْسَهُ وَنَبْلَهُ، وَمَعَهُ غُلَامٌ لِطَلْحَةِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ مَعَهُ فَرَسٌ لَهُ يَقُودُهُ، حَتَّى إذَا عَلَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ نَظَرَ إلَى بَعْضِ خُيُولِهِمْ، فَأَشْرَفَ فِي نَاحيَة سلع، نم صرخَ: وَا صَبَاحَاه، ثُمَّ خَرَجَ يَشْتَدُّ فِي آثَارِ الْقَوْمِ، وَكَانَ مِثْلَ السَّبُعِ حَتَّى لَحِقَ بِالْقَوْمِ، فَجَعَلَ يَرُدُّهُمْ بِالنَّبْلِ، وَيَقُولُ إذَا رَمَى: خُذْهَا وَأَنَا
[١] الوبار: جمع وبر، وَهِي دويبة على قدر الْهِرَّة، تشبه بهَا الْعَرَب الضَّعِيف. والشعاب: جمع شعب، وَهُوَ المنخفض من الأَرْض. وحجاز: أَرض مَكَّة وَمَا يَليهَا. ويروى: «حجان» بالنُّون، أَي معوجة، كَمَا روى: «حجار» وَهُوَ جمع حجر. وَغير ذِي متنفق: أَي لَيْسَ لَهُ بَاب يخرج مِنْهُ.وَأَصله من النافقاء، وَهُوَ أحد أَبْوَاب حجرَة اليربوع.[٢] وَقيل إِن الّذي أغار هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عُيَيْنَة.[٣] اللقَاح: الْإِبِل الْحَوَامِل ذَوَات الألبان[٤] الغابة: مَوضِع قرب الْمَدِينَة من نَاحيَة الشَّام، فِيهِ أَمْوَال لأهل الْمَدِينَة (رَاجع مُعْجم الْبلدَانِ)[٥] هَذَا الرجل الغفاريّ هُوَ ابْن أَبى ذَر، كَمَا صرح بذلك ابْن سعد. وَاسم امْرَأَته ليلى.[٦] ذُو قرد: مَاء على نَحْو بريد من الْمَدِينَة مِمَّا يَلِي بِلَاد غطفان، وَقيل على مَسَافَة يَوْم مِنْهَا.[٧] بَين رجال السّير خلاف فِي وَقت هَذِه الْغَزْوَة عرض لَهُ الزرقانى فِي شرح الْمَوَاهِب، فِي شَيْء من التَّفْصِيل.[٨] نذر: علم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute