مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَمْنَعُوهُ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَهُ الشَّهَادَةَ فَخَرَجَ مَعَهُ فَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ [١] .
(هِنْدُ وَتَمْثِيلُهَا بِحَمْزَةِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَوَقَعَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ، كَمَا حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَالنِّسْوَةُ اللَّاتِي مَعَهَا، يُمَثِّلْنَ بِالْقَتْلَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يجدّ عَن [٢] الْآذَانَ وَالْأُنُفَ، حَتَّى اتَّخَذَتْ هِنْدُ مِنْ آذَانِ الرِّجَالِ وَآنُفِهِمْ خَدَمًا [٣] وَقَلَائِدَ، وَأَعْطَتْ خَدَمَهَا وَقَلَائِدَهَا وَقِرَطَتَهَا وَحْشِيًّا، غُلَامَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَبَقَرَتْ [٤] عَنْ كَبِدِ حَمْزَةَ، فَلَاكَتْهَا [٥] ، فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تُسِيغَهَا [٦] ، فَلَفَظَتْهَا [٧] ، ثُمَّ عَلَتْ عَلَى صَخْرَةٍ مُشْرِفَةٍ، فَصَرَخَتْ بِأَعْلَى صَوْتِهَا فَقَالَتْ:
نَحْنُ جَزَيْنَاكُمْ بِيَوْمِ بَدْرٍ ... وَالْحَرْبُ بَعْدَ الْحَرْبِ ذَاتِ سُعْرِ [٨]
مَا كَانَ عَنْ عُتْبَةَ لِي مِنْ صَبْرِ ... وَلَا أَخِي وَعَمِّهِ وَبَكْرِي
شَفَيْتُ نَفْسِي وَقَضَيْتُ نَذْرِي ... شَفَيْتَ وَحْشِيُّ غَلِيلَ صَدْرِي [٩]
فَشُكْرُ وَحْشِيٍّ عَلَيَّ عُمْرِي ... حَتَّى تَرُمَّ أَعْظُمِي فِي قَبْرِي [١٠]
(شِعْرُ هِنْدَ بِنْتِ أُثَاثَةَ فِي الرَّدِّ عَلَى هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ) :
فَأَجَابَتْهَا هِنْدُ بِنْتُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَتْ:
خَزِيتُ فِي بَدْرٍ وَبَعْدَ بدر ... يَا بت وَقَّاعٍ عَظِيمِ الْكُفْرِ [١١]
[١] قَالَ السهيليّ: «وَزَاد غير ابْن إِسْحَاق: أَنه لما خرج قَالَ: اللَّهمّ لَا تردني، فاستشهد، فَجعله بنوه على بعير ليحملوه إِلَى الْمَدِينَة، فاستصعب عَلَيْهِم الْبَعِير، فَكَانَ إِذا وجهوه إِلَى كل جِهَة سارع إِلَّا جِهَة الْمَدِينَة، فَكَانَ يَأْبَى الرُّجُوع إِلَيْهَا، فَلَمَّا لم يقدروا عَلَيْهِ، ذكرُوا قَوْله: اللَّهمّ لَا تردني إِلَيْهَا، فدفنوه فِي مصرعه» .[٢] يجدعن: يقطعن.[٣] الخدم: جمع خدمَة، وَهِي الخلخال.[٤] بقرت: شقَّتْ.[٥] لاكتها: مضغتها.[٦] أَن تسيغها: أَن تبتلعها.[٧] لفظتها: طرحتها.[٨] السّعر (بِضَمَّتَيْنِ وَسكن للشعر) : الالتهاب.[٩] الغليل: الْعَطش، أَو حرارة الْجوف.[١٠] ترم: تبلى وتفتت.[١١] الوقاع، الْكثير الْوُقُوع فِي الدُّنْيَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute