(مَا أصَاب المستهزءين) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ: أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ، فَقَامَ وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى جَنْبِهِ، فَمَرَّ بَهْ الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، فَرَمَى فِي وَجْهِهِ بِوَرَقَةِ خَضْرَاءَ، فَعَمِيَ. وَمَرَّ بَهْ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ.، فَأَشَارَ إلَى بَطْنِهِ، فَاسْتَسْقَى (بَطْنُهُ) [١] فَمَاتَ مِنْهُ حَبَنًا [٢] . وَمَرَّ بِهِ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَأَشَارَ إلَى أَثَرِ جُرْحٍ بِأَسْفَلِ كَعْبِ رِجْلِهِ، كَانَ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِسِنِينَ [٣] ، وَهُوَ يَجُرُّ سَبَلَهُ [٤] ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلِ مِنْ خُزَاعَةَ وَهُوَ يَرِيشُ نَبْلًا لَهُ، فَتَعَلَّقَ سَهْمٌ مِنْ نَبْلِهِ بِإِزَارِهِ، فَخَدَشَ فِي رِجْلِهِ ذَلِكَ الْخَدْشَ، وَلَيْسَ بِشَيْءِ، فَانْتَقَضَ [٥] بِهِ فَقَتَلَهُ.
وَمَرَّ بَهْ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، فَأَشَارَ إلَى أَخْمَصِ [٦] رِجْلِهِ وَخَرَجَ عَلَى حِمَارٍ لَهُ يُرِيدُ الطَّائِفَ، فَرَبَضَ بِهِ عَلَى شُبَارِقَةٍ [٧] ، فَدَخَلَتْ فِي أَخْمَصِ رِجْلِهِ شَوْكَةٌ فَقَتَلَتْهُ.
وَمَرَّ بِهِ الْحَارِثُ بْنُ الطُّلَاطِلَةِ، فَأَشَارَ إلَى رَأْسِهِ، فَامْتَخَضَ [٨] قَيْحًا، فَقَتَلَهُ.
قِصَّةُ أَبِي أُزَيْهِرٍ الدَّوْسِيِّ
(وُصَاتُهُ لِبَنِيهِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا حَضَرَتْ الْوَلِيدَ الْوَفَاةُ دَعَا بَنِيهِ، وَكَانُوا ثَلَاثَةً: هِشَامَ ابْن الْوَلِيدِ، وَالْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، فَقَالَ لَهُمْ: أَيْ بَنِيَّ، أُوصِيكُمْ بِثَلَاثِ، فَلَا تُضَيِّعُوا فِيهِنَّ: دَمِي فِي خُزَاعَةَ فَلَا تَطُلُّنَّهُ [٩] ، وَاَللَّهِ إنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهُمْ
[١] زِيَادَة عَن أ.[٢] كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول. والحبن (محركة) : انتفاخ الْبَطن من دَاء. وَفِي أ: «حنبا» .[٣] هَذِه الْعبارَة سَاقِطَة فِي أ.[٤] السبل: فضول الثِّيَاب.[٥] انْتقض الْجرْح: إِذا تجدّد بعد مَا بري.[٦] الأخمص من بَاطِن الْقدَم: مَا لم يصب الأَرْض.[٧] الشبارقة: شَجَرَة عالية، وَفِي طبعة بِهَامِش الرَّوْض الْأنف: شبْرقَة.[٨] كَذَا فِي أ، ط: أَي أَن الْقَيْح تحرّك فِي رَأسه وانتشر. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «فامتحض» بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَهُوَ تَصْحِيف.[٩] طل الدَّم وأطله: هدره، فَلم يثأر بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute