ابْن مُسَيْكٍ. فَلَمَّا تَوَفَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَدَّ عَمْرو بن معديكرب، وَقَالَ حِينَ ارْتَدَّ:
وَجَدْنَا مُلْكَ فَرْوَةَ شَرَّ مُلْكٍ ... حِمَارًا سَافَ مُنْخُرَهُ بِثَفْرِ [١]
وَكُنْتَ إذَا رَأَيْتَ أَبَا عُمَيْرٍ ... تَرَى الْحُوَلَاءَ مِنْ خَبَثٍ وَغَدْرٍ [٢]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهُ «بِثَفْرِ» عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ.
قُدُومُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ فِي وَفْدِ كِنْدَةَ
(قُدُومُهُمْ وَإِسْلَامُهُمْ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، فِي وَفْدِ كِنْدَةَ، فَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ بْنُ شِهَابٍ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَمَانِينَ رَاكِبًا مِنْ كِنْدَةَ، فَدَخَلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِدَهُ، وَقَدْ رَجَّلُوا [٣] جُمَمَهُمْ [٤] وَتَكَحَّلُوا، وَعَلَيْهِمْ جُبَبُ الْحِبَرَةِ، وَقَدْ كَفَّفُوهَا [٥] بِالْحَرِيرِ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَلَمْ تُسْلِمُوا؟ قَالُوا:
بَلَى، قَالَ: فَمَا بَالُ هَذَا الْحَرِيرِ فِي أَعْنَاقِكُمْ، قَالَ: فَشَقُّوهُ مِنْهَا، فَأَلْقَوْهُ.
(انْتِسَابُ الْوَفْدِ إلَى آكِلِ الْمُرَارِ) :
ثُمَّ قَالَ لَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: نَحْنُ بَنُو آكِلِ الْمُرَارِ، وَأَنْتُ ابْنُ آكِلِ الْمُرَارِ، قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: نَاسَبُوا بِهَذَا النَّسَبِ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَبِيعَةَ بْنَ الْحَارِثِ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ وَرَبِيعَةُ رَجُلَيْنِ تَاجِرَيْنِ وَكَانَا إذَا شَاعَا فِي بَعْضِ الْعَرَبِ، فَسُئِلَا مِمَّنْ هُمَا؟ قَالَا: نَحْنُ بَنُو آكِلِ الْمُرَارِ، يَتَعَزَّزَانِ بِذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ كِنْدَةَ كَانُوا مُلُوكًا. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: لَا، بَلْ نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ
[١] ساف: شم. والثفر فِي الْبَهَائِم: بِمَنْزِلَة الرَّحِم من الْإِنْسَان.[٢] الحولاء (بِضَم الْحَاء وَكسرهَا وَفتح الْوَاو) : جلدَة مَاؤُهَا أَخْضَر تخرج مَعَ الْوَلَد وفيهَا أغراس وعروق وخطوط خضر وحمر. يشبه المهجو بِمَا فِيهِ من خبث وغدر بِهَذِهِ الحولاء دناءة وقذارة.[٣] رجلوا: سرحوا ومشطوا.[٤] الجمم: جمع جمة، وَهِي مُجْتَمع شعر الناصية الّذي يصل إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ.[٥] جعلُوا لَهَا سجفا من الْحَرِير.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute