(تَبْشِيرُ الرَّسُولِ لِخَدِيجَةَ بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُمِرْتُ أَنْ أُبَشِّرَ خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبٌ فِيهِ وَلَا نَصَبٌ [١] .
قَالَ ابْنُ هِشَام: الْقصب (هَاهُنَا) [٢] : اللُّؤْلُؤُ الْمُجَوَّفُ.
(جِبْرِيلُ يُقْرِئ خَدِيجَةَ السَّلَامَ) :
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ، أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أُقْرِئْ خَدِيجَةَ السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا خَدِيجَةُ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ مِنْ رَبِّكَ، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ:
اللَّهُ السَّلَامُ، وَمِنْهُ السَّلَامُ، وَعَلَى جِبْرِيلِ السَّلَامُ.
(فَتْرَةُ الْوَحْيِ وَنُزُولُ سُورَةِ الضُّحَى) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ فَتَرَ الْوَحْيُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتْرَةً مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَأَحْزَنَهُ، فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ بِسُورَةِ الضُّحَى، يُقْسِمُ لَهُ رَبُّهُ، وَهُوَ الَّذِي أَكْرَمَهُ بِمَا أَكْرَمَهُ بِهِ، مَا وَدَّعَهُ وَمَا قَلَاهُ، فَقَالَ تَعَالَى: وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى. مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ٩٣: ١- ٣. يَقُولُ: مَا صَرَمَكَ فَتَرَكَكَ، وَمَا أَبْغَضَكَ مُنْذُ أَحَبَّكَ. وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى ٩٣: ٤: أَيْ لِمَا عِنْدِي مِنْ مَرْجِعِكَ إلَيَّ، خَيْرٌ لَكَ مِمَّا عَجَّلْتَ لَكَ مِنْ الْكَرَامَةِ فِي الدُّنْيَا. وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ٩٣: ٥ مِنْ الْفُلْجِ فِي الدُّنْيَا، وَالثَّوَابِ فِي الْآخِرَةِ. أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى. وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى. وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى ٩٣: ٦- ٨ يُعَرِّفُهُ اللَّهُ مَا ابْتَدَأَهُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ فِي عَاجِلِ أَمْرِهِ، وَمَنِّهِ عَلَيْهِ فِي يُتْمِهِ وَعَيْلَتِهِ وَضَلَالَتِهِ، وَاسْتِنْقَاذِهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِرَحْمَتِهِ.
[١] هَذَا حَدِيث مُرْسل، وَقد رَوَاهُ مُسلم مُتَّصِلا عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، «قَالَت:مَا غرت على أحد، مَا غرت على خَدِيجَة، وَلَقَد هَلَكت قبل أَن يَتَزَوَّجنِي رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاث سِنِين، وَلَقَد أَمر أَن يبشرها بِبَيْت من قصب فِي الْجنَّة» . (رَاجع الرَّوْض الْأنف) .[٢] زِيَادَة عَن أ.١٦- سيرة ابْن هِشَام- ١
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute