أَشَمَّ [١] كَأَنَّهُ أَسَدٌ عَبُوسٌ ... غَدَاةَ بَدَا [٢] بِبَطْنِ الْجَزَعِ غَادِي [٣]
يُغَشِّي هَامَةَ الْبَطَلِ الْمُذَكَّى ... صَبِيَّ السَّيْفِ مُسْتَرْخِي النِّجَادِ [٤]
لِنُظْهِرَ دِينَكَ اللَّهمّ إنَّا ... بِكَفِّكَ فَاهْدِنَا سُبُلَ الرَّشَادِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ بَيْتُهُ:
قَصَرْنَا كُلَّ ذِي حُضْرٍ وَطَوْلٍ
وَالْبَيْتُ الَّذِي يَتْلُوهُ، وَالْبَيْتُ الثَّالِثُ مِنْهُ، وَالْبَيْتُ الرَّابِعُ مِنْهُ، وَبَيْتُهُ:
أَشَمَّ كَأَنَّهُ أَسَدٌ عَبُوسٌ
وَالْبَيْتُ الَّذِي يَتْلُوهُ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ.
(شِعْرُ مُسَافِعٍ فِي بُكَاءِ عَمْرٍو) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ مُسَافِعُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحٍ، يَبْكِي عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ، وَيَذْكُرُ قَتْلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إيَّاهُ:
عَمْرُو بْنُ عَبْدٍ كَانَ أَوَّلَ فَارِسٍ ... جَزَعَ الْمَذَادَ وَكَانَ فَارِسَ يَلْيَلِ [٥]
سَمْحُ الْخَلَائِقِ مَاجِدٌ ذُو مِرَّةٍ ... يَبْغِي الْقِتَالَ بِشِكَّةِ لَمْ يَنْكُلْ [٦]
وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ حِينَ وَلَّوْا عَنْكُمْ ... أَنَّ ابْنَ عَبْدٍ فِيهِمْ لَمْ يَعْجَلْ
حَتَّى تَكَنَّفَهُ الْكُمَاةُ وَكُلُّهُمْ ... يَبْغِي مَقَاتِلَهُ وَلَيْسَ بِمُؤْتَلِي [٧]
وَلَقَدْ تَكَنَّفَتْ الْأَسِنَّةُ فَارِسًا ... بِجُنُوبِ سَلْعٍ غَيْرَ نَكْسٍ أَمْيَلِ [٨]
تَسَلُ النِّزَالَ عَلَيَّ فَارِسَ غَالِبٍ ... بِجُنُوبِ سَلْعٍ، لَيْتَهُ لَمْ يَنْزِلْ
[١] الأشم: الْعَزِيز، وَأَصله من الشمم، وَهُوَ ارْتِفَاع قَصَبَة الْأنف.
[٢] كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول. وبدا: ظهر. وَفِي أ: «ندي» ، وندي الصَّوْت: ارْتَفع. يُرِيد إِذا ارْتَفع صَوت غاد طَالب للغوث. ويروى: «يرى» .
[٣] الْجزع: جَانب الْوَادي وَمَا انعطف مِنْهُ.
[٤] المذكى: الّذي بلغ الْغَايَة فِي الْقُوَّة. وَصبي السَّيْف: وَسطه. والنجاد: حمائل السَّيْف.
[٥] جزع: قطع. والمذاد: مَوضِع. (رَاجع الْحَاشِيَة رقم ٤ ص ٢٦١ من هَذَا الْجُزْء) ويليل: وَاد ببدر.
[٦] الْمرة: الشدَّة وَالْقُوَّة. والشكة: السِّلَاح. وَلم ينكل: لم يرجع من هَيْبَة وَلَا خوف.
[٧] تكنفه: أحَاط بِهِ: وَلَيْسَ بمؤتلى: لَيْسَ بمقصر.
[٨] سلع: جبل بسوق الْمَدِينَة. قَالَ الْأَزْهَرِي: مَوضِع قرب الْمَدِينَة (رَاجع مُعْجم الْبلدَانِ) .
والنكس: الضَّعِيف من الرِّجَال. والأميل: الّذي لَا رمح مَعَه، وَقيل: الّذي لَا ترس مَعَه.