وَالْبَيْتُ الثَّالِثُ عَنْ خَلَّادِ [١] بْنِ قُرَّةَ، وَيُقَالُ: مَالِكُ بْنُ رَافِلَةَ [٢] :
(كَاهِنَةُ حَدَسٍ وَإِنْذَارُهَا قَوْمَهَا) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَتْ كَاهِنَةٌ مِنْ حَدَسٍ [٣] حِينَ سَمِعَتْ بِجَيْشِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا، قَدْ قَالَتْ لِقَوْمِهَا مِنْ حَدَسٍ، وَقَوْمُهَا بَطْنٌ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو غَنْمٍ- أُنْذِرُكُمْ قَوْمًا خُزْرًا [٤] ، يَنْظُرُونَ شَزْرًا [٥] ، وَيَقُودُونَ الْخَيْلَ تَتْرَى [٦] ، ويُهْرِيقُونَ دَمًا عَكْرًا [٧] . فَأَخَذُوا بِقَوْلِهَا، وَاعْتَزَلُوا مِنْ بَيْنِ لَخْمٍ، فَلَمْ تَزَلْ بَعْدُ أَثْرَى [٨] حَدَسٍ. وَكَانَ الَّذِينَ صَلَوْا الْحَرْبَ يَوْمَئِذٍ بَنُو ثَعْلَبَةَ، بَطْنٌ مِنْ حَدَسٍ، فَلَمْ يَزَالُوا قَلِيلًا بَعْدُ. فَلَمَّا انْصَرَفَ خَالِدٌ بِالنَّاسِ أَقْبَلَ بِهِمْ قَافِلًا.
(رُجُوعُ الْجَيْشِ وَتَلَقِّي الرَّسُولِ لَهُ وَغَضَبُ الْمُسْلِمِينَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: لَمَّا دَنَوْا مِنْ حَوْلِ الْمَدِينَةِ تَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ.
قَالَ: وَلَقِيَهُمْ الصِّبْيَانُ يَشْتَدُّونَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلٌ مَعَ الْقَوْمِ عَلَى دَابَّةٍ، فَقَالَ: خُذُوا الصِّبْيَانَ فَاحْمِلُوهُمْ، وَأَعْطُونِي ابْنَ جَعْفَرٍ. فَأَتَى بِعَبْدِ اللَّهِ فَأَخَذَهُ فَحَمَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَالَ: وَجَعَلَ النَّاسُ يَحْثُونَ عَلَى الْجَيْشِ التُّرَابَ، وَيَقُولُونَ يَا فُرَّارُ، فَرَرْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ! قَالَ: فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسُوا بِالْفُرَّارِ، وَلَكِنَّهُمْ الْكُرَّارُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ بَعْضِ آلِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: وَهُمْ أَخْوَالُهُ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ
[١] كَذَا فِي م، ر، وَفِي أ: «خَالِد» .[٢] كَذَا فِي أ. وَفِي م، ر: «راقلة» (بِالْقَافِ) .[٣] حدس: قَبيلَة من لخم، ولخم: قَبيلَة من الْيمن. (عَن أَبى ذَر) .[٤] الخزر: جمع أخزر، وَهُوَ الّذي ينظر بمؤخر عينه نظر المتكبر. (عَن أَبى ذَر) .[٥] الشزر: نظر الْعَدَاوَة.[٦] تترى: متتابعة شَيْئا بعد شَيْء. قَالَ تَعَالَى: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا ٢٣: ٤٤. وَمن رَوَاهُ: «تترى» فَهُوَ مصدر، من قَوْلك: نتر الشَّيْء، إِذا جذبه. (عَن أَبى ذَر) .[٧] الذّكر: المتعكر، يُرِيد دَمًا مختلطا.[٨] «أثرى» : من الثروة، وَهِي الْكَثْرَة. أَي أَكثر مَالا وعددا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute