قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: بِئْرُ أَنَّى.
(تَلَاحُقُ الْمُسْلِمِينَ بِالرَّسُولِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَتَلَاحَقَ بِهِ النَّاسُ، فَأَتَى رِجَالٌ مِنْهُمْ [١] مِنْ بَعْدِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَلَمْ يُصَلُّوا الْعَصْرَ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إلَّا بِبَنِي قُرَيْظَةَ، فَشَغَلَهُمْ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ بُدٌّ فِي حَرْبِهِمْ، وَأَبَوْا أَنْ يُصَلُّوا، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَتَّى تَأْتُوا بَنِي قُرَيْظَةَ. فَصَلَّوْا الْعَصْرَ بِهَا، بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، فَمَا عَابَهُمْ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، وَلَا عَنَّفَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [٢] . حَدَّثَنِي بِهَذَا الحَدِيث أَبى إسْحَاقَ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ.
(حِصَارُهُمْ وَمَقَالَةُ كَعْبِ بْنِ أَسَدٍ لَهُمْ) :
(قَالَ) [٣] : وَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ [٤] لَيْلَةً، حَتَّى جَهَدَهُمْ الْحِصَارُ، وَقَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ.
وَقَدْ كَانَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ دَخَلَ مَعَ بَنِي قُرَيْظَةَ فِي حِصْنِهِمْ، حِينَ رَجَعَتْ عَنْهُمْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ، وَفَاءً لِكَعْبِ بْنِ أَسَدٍ بِمَا كَانَ عَاهَدَهُ عَلَيْهِ. فَلَمَّا أَيْقَنُوا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ عَنْهُمْ حَتَّى يُنَاجِزَهُمْ، قَالَ كَعْبُ ابْن أَسَدٍ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِنْ الْأَمْرِ مَا تَرَوْنَ، وَإِنِّي عَارِضٌ عَلَيْكُمْ خِلَالًا ثَلَاثًا، فَخُذُوا أَيَّهَا شِئْتُمْ، قَالُوا: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: نُتَابِعُ هَذَا الرجل ونصدّقه فو الله لَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّهُ لَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَأَنَّهُ لَلَّذِي تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِكُمْ، فَتَأْمَنُونَ عَلَى دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَأَبْنَائِكُمْ وَنِسَائِكُمْ [٥] ، قَالُوا: لَا نُفَارِقُ حُكْمَ التَّوْرَاةِ أَبَدًا، وَلَا نَسْتَبْدِلُ بِهِ غَيْرَهُ، قَالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ عَلَيَّ هَذِهِ، فَهَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا،
[١] هَذِه الْكَلِمَة «مِنْهُم» سَاقِطَة فِي أ.[٢] يُؤْخَذ من هَذَا أَنه لَا يعاب من أَخذ بِظَاهِر حَدِيث أَو آيَة وَلَا من استنبط من النَّص معنى يخصصه، كَمَا يُؤْخَذ مِنْهُ أَن كل مُجْتَهد فِي الْفُرُوع مُصِيب. (رَاجع الرَّوْض وَشرح الْمَوَاهِب) .[٣] زِيَادَة عَن.[٤] وَقيل: خمس عشرَة لَيْلَة، وَقيل بضع عشرَة. (رَاجع الطَّبَقَات وَشرح الْمَوَاهِب) .[٥] هَذِه الْكَلِمَة «ونسائكم» سَاقِطَة فِي أ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute