ابْن قَارِبٍ، وَالْفُقَيْمِيَّةُ أُمَيْمَة بنت الناسئ أُمَيَّةَ بْنِ قَلْعٍ، فَلَمَّا أَبَيْنَ عَلَيْهِمَا، قَالَ لَهُمَا ابْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ مَسْعُودٍ: يَا أَبَا سُفْيَانَ وَيَا مُغِيرَةُ، أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا جِئْتُمَا لَهُ، إنَّ مَالَ بَنِي الْأَسْوَدِ بْنِ مَسْعُودٍ حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّائِفِ، نَازِلًا بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ الْعَقِيقُ، إنَّهُ لَيْسَ بِالطَّائِفِ مَالٌ أَبْعَدُ رِشَاءً، وَلَا أَشَدُّ مُؤْنَةً، وَلَا أَبْعَدُ عِمَارَةً مِنْ مَالِ بَنِي الْأَسْوَدِ، وَإِنَّ مُحَمَّدًا إنْ قَطَعَهُ لَمْ يُعْمَرْ أَبَدًا، فَكَلِّمَاهُ فَلْيَأْخُذْ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِيَدَعْهُ للَّه وَالرَّحِمِ، فَإِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ مِنْ الْقَرَابَةِ مَا لَا يُجْهَلُ، فَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَهُ لَهُمْ.
(رُؤْيَا الرَّسُولِ وَتَفْسِيرُ أَبِي بَكْرٍ لَهَا) :
وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهُوَ مُحَاصِرٌ ثَقِيفًا: يَا أَبَا بَكْرٍ، إنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أُهْدِيَتْ لِي قَعْبَةٌ [١] مَمْلُوءَةٌ زُبْدًا، فَنَقَرَهَا دِيكٌ، فَهَرَاقَ مَا فِيهَا. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَظُنُّ أَنْ تُدْرِكَ مِنْهُمْ يَوْمَكَ هَذَا مَا تُرِيدُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَنَا لَا أَرَى ذَلِكَ.
(ارْتِحَالُ الْمُسْلِمِينَ وَسَبَبُ ذَلِكَ) :
ثُمَّ إنَّ خُوَيْلَةَ بِنْتَ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْأَوْقَصِ السُّلَمِيَّةَ، وَهِيَ امْرَأَةُ عُثْمَانَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي إنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ الطَّائِفَ حُلِيَّ بَادِيَةَ بِنْتِ غَيْلَانَ بْنِ مَظْعُونِ بْنِ سَلَمَةَ، أَوْ حُلِيَّ الْفَارِعَةِ بِنْتِ عُقَيْلٍ، وَكَانَتَا مِنْ أَحْلَى نِسَاءِ ثَقِيفٍ.
فَذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: وَإِنْ كَانَ لَمْ يُؤْذَنْ لِي فِي ثَقِيفٍ يَا خُوَيْلَةُ؟ فَخَرَجَتْ خُوَيْلَةُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ (يَا رَسُولَ اللَّهِ) [٢] : مَا حَدِيثٌ حَدَّثَتْنِيهِ خُوَيْلَةُ، زَعَمَتْ أَنَّكَ قُلْتَهُ؟ قَالَ: قَدْ قُلْتَهُ، قَالَ: أَوَمَا أُذِنَ لَكَ فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: لَا. قَالَ: أَفَلَا أُؤَذِّنُ بِالرَّحِيلِ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَأَذَّنَ عُمَرُ بِالرَّحِيلِ.
[١] القعبة: الْقدح.[٢] زِيَادَة عَن أ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute