وَأَرْبَدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ جَزْءِ [١] بْنِ خَالِدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَجَبَّارُ بْنُ سَلْمَى بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَكَانَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ رُؤَسَاءَ الْقَوْمِ وَشَيَاطِينَهُمْ.
(تَدْبِيرُ عَامِرٍ لِلْغَدْرِ بِالرَّسُولِ) :
فَقَدِمَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ عَدُوُّ اللَّهِ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُرِيدُ الْغَدْرَ بِهِ، وَقَدْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ: يَا عَامِرُ، إنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْلَمُوا فَأَسْلِمْ. قَالَ:
وَاَللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ آلَيْتُ أَنْ لَا أَنْتَهِيَ حَتَّى تَتْبَعَ الْعَرَبُ عَقِبِي، أَفَأَنَا أَتْبَعُ عَقِبَ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ! ثُمَّ قَالَ لِأَرْبَدَ: إذَا قَدِمْنَا عَلَى الرَّجُلِ، فَإِنِّي سَأَشْغَلُ عَنْكَ وَجْهَهُ، فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَاعْلُهُ [٢] بِالسَّيْفِ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: يَا مُحَمَّدُ، خَالِنِي [٣] ، قَالَ: لَا وَاَللَّهِ حَتَّى تُؤْمِنَ باللَّه وَحْدَهُ. قَالَ: يَا مُحَمَّدُ خَالِنِي. وَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ وَيَنْتَظِرُ مِنْ أَرْبَدَ مَا كَانَ أَمَرَهُ بِهِ، فَجَعَلَ أَرْبَدُ لَا يُحِيرُ شَيْئًا، قَالَ: فَلَمَّا رَأَى عَامِرُ مَا يَصْنَعُ أَرْبَدُ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ خَالِنِي قَالَ: لَا، حَتَّى تُؤْمِنَ باللَّه وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. فَلَمَّا أَبَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَمَا وَاَللَّهِ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا وَرِجَالًا، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهمّ اكْفِنِي عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ. فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عَامِرٌ لِأَرْبَدَ: وَيْلَكَ يَا أَرْبَدُ أَيْنَ مَا كُنْتُ أَمَرْتُكَ بِهِ؟ وَاَللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ رَجُلٌ هُوَ أَخْوَفَ عِنْدِي عَلَى نَفْسِي مِنْكَ. وَاَيْمُ اللَّهِ لَا أَخَافُكَ بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا. قَالَ: لَا أَبَا لَكَ! لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، وَاَللَّهِ مَا هَمَمْتُ بِاَلَّذِي أَمَرْتنِي بِهِ مِنْ أَمْرِهِ إلَّا دَخَلْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ الرَّجُلِ، حَتَّى مَا أَرَى غَيْرَكَ، أَفَأَضْرِبكَ بِالسَّيْفِ؟
(مَوْتُ عَامِرٍ بِدُعَاءِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ) :
وَخَرَجُوا رَاجِعِينَ إلَى بِلَادِهِمْ، حَتَّى إذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، بَعَثَ اللَّهُ عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ الطَّاعُونَ فِي عُنُقِهِ، فَقَتَلَهُ اللَّهُ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي سَلُولَ، فَجَعَلَ
[١] كَذَا فِي الْأُصُول. وَقَالَ أَبُو ذَر: «وأربد بن قيس بن جزى، كَذَا وَقع هُنَا فِي الأَصْل، وَذكره أَبُو عبيد عَن ابْن الْكَلْبِيّ فَقَالَ: ابْن جُزْء» .[٢] اعله بِالسَّيْفِ: اقتله بِهِ.[٣] خالني (بتَخْفِيف اللَّام) : تفرد لي خَالِيا حَتَّى أتحدث مَعَك. و (بتَشْديد اللَّام) : اتَّخَذَنِي خَلِيلًا وصاحبا، من المخالة، وَهِي الصداقة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute