لِسَانَكَ، وَلَا تَشْأَمْنَا الْيَوْمَ، فَتَوَاصَوْا أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ مِنْهُمْ إلَّا حَسَّانُ بْنُ مِلَّةَ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ كَلِمَةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَدْ عَرَفَهَا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَضْرِبَ بِسَيْفِهِ قَالَ: بُورَى أَوْ ثُورَى، فَلَمَّا بَرَزُوا عَلَى الْجَيْشِ، أَقْبَلَ الْقَوْمُ يَبْتَدِرُونَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ حَسَّانُ: إنَّا قَوْمٌ مُسْلِمُونَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَهُمْ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ أَدْهَمَ، فَأَقْبَلَ يَسُوقُهُمْ، فَقَالَ أُنَيْفٌ: بُورَى، فَقَالَ حَسَّانُ: مَهْلًا، فَلَمَّا وَقَفُوا عَلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ حَسَّانُ: إنَّا قَوْمٌ مُسْلِمُونَ، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ:
فَاقْرَءُوا أُمَّ الْكِتَابِ، فَقَرَأَهَا حَسَّانُ، فَقَالَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ: نَادُوا فِي الْجَيْشِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَيْنَا ثُغْرَةَ [١] الْقَوْمِ الَّتِي جَاءُوا مِنْهَا إلَّا مَنْ خَتَرَ [٢] .
(قُدُومُهُمْ عَلَى الرَّسُولِ وَشِعْرُ أَبِي جُعَالٍ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَإِذَا أُخْتُ حَسَّانَ بْنِ مِلَّةَ، وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي وَبْرِ بْنِ عَدِيِّ ابْن أُمَيَّةَ بْنِ الضُّبَيْبِ فِي الْأُسَارَى، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: خُذْهَا، وَأَخَذَتْ بِحَقْوَيْهِ [٣] فَقَالَتْ أُمُّ الْفِزْرِ الضُّلَعِيَّةُ: أَتَنْطَلِقُونَ بِبَنَاتِكُمْ وَتَذَرُونَ أُمَّهَاتِكُمْ؟ فَقَالَ أَحَدُ بَنِي الْخَصِيبِ: إنَّهَا بَنُو الضُّبَيْبِ وَسِحْرُ أَلْسِنَتِهِمْ سَائِرَ الْيَوْمِ، فَسَمِعَهَا بَعْضُ الْجَيْشِ، فَأَخْبَرَ بِهَا زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَأَمَرَ بِأُخْتِ حَسَّانَ، فَفُكَّتْ يَدَاهَا مِنْ حِقْوَيْهِ، وَقَالَ لَهَا: اجْلِسِي مَعَ بَنَاتِ عَمِّكَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ فِيكُنَّ حُكْمَهُ، فَرَجَعُوا، وَنَهَى الْجَيْشَ أَنْ يَهْبِطُوا إلَى وَادِيهِمْ الَّذِي جَاءُوا مِنْهُ، فَأَمْسَوْا فِي أَهْلِيهِمْ، وَاسْتَعْتَمُوا ذَوْدًا [٤] لِسُوَيْدِ بْنِ زَيْدٍ، فَلَمَّا شَرِبُوا عَتَمَتَهُمْ [٥] ، رَكِبُوا إلَى رِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَكَانَ مِمَّنْ رَكِبَ إلَى رِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، أَبُو زَيْدِ ابْن عَمْرٍو، وَأَبُو شِمَاسِ بْنِ عَمْرٍو، وَسُوَيْدُ بْنُ زَيْدٍ، وَبَعْجَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَبَرْذَعُ بْنُ زَيْدٍ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ زَيْدٍ [٦] ، وَمُخَرَّبَةُ بْنُ عَدِيٍّ، وَأُنَيْفُ بْنُ مِلَّةَ، وَحَسَّانُ
[١] ثغرة الْقَوْم: ناحيتهم الَّتِي يحمونها.[٢] ختر: نقض الْعَهْد.[٣] بحقويه: بخصريه.[٤] الذود: مَا بَين الثَّلَاث إِلَى الْعشْر من الْإِبِل. واستعتموا ذودا: انتظروه إِلَى عتمة من اللَّيْل.[٥] عتمتهم: لبنهم الّذي انتظروه إِلَى ذَلِك الْوَقْت.[٦] فِي م، ر: «عَمْرو» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute