يَدَهُ فِي الْعَدُوِّ حَاسِرًا. فَنَزَعَ دِرْعًا كَانَتْ عَلَيْهِ فَقَذَفَهَا، ثُمَّ أَخَذَ سَيْفَهُ فَقَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ.
(اسْتِفْتَاحُ أَبِي جَهْلٍ بِالدُّعَاءِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيِّ، حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ لَمَّا الْتَقَى النَّاسُ، وَدَنَا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، قَالَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ: اللَّهمّ أَقْطَعَنَا لِلرَّحِمِ، وَآتَانَا بِمَا لَا يُعْرَفُ، فَأَحِنْهُ [١] الْغَدَاةَ. فَكَانَ هُوَ الْمُسْتَفْتِحَ [٢] .
(رَمْيُ الرَّسُولِ لِلْمُشْرِكِينَ بِالْحَصْبَاءِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَفْنَةً مِنْ الْحَصْبَاءِ فَاسْتَقْبَلَ قُرَيْشًا بِهَا، ثُمَّ قَالَ: شَاهَتْ الْوُجُوهُ، ثُمَّ نَفَحَهُمْ بِهَا، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ: شِدُّوا، فَكَانَتْ الْهَزِيمَةُ، فَقَتَلَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قُتِلَ مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، وَأَسَرَ مَنْ أَسَرَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ. فَلَمَّا وَضَعَ الْقَوْمُ أَيْدِيَهُمْ يَأْسِرُونَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَرِيشِ، وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ قَائِمٌ عَلَى بَابِ الْعَرِيشِ، الَّذِي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُتَوَشِّحَ السَّيْفِ، فِي نَفَرٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يَحْرُسُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَخَافُونَ عَلَيْهِ كَرَّةَ الْعَدُوِّ، وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا ذُكِرَ لِي- فِي وَجْهِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الْكَرَاهِيَةَ لِمَا يَصْنَعُ النَّاسَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاَللَّهِ لَكَأَنَّكَ [٣] يَا سَعْدُ تَكْرَهُ مَا يَصْنَعُ الْقَوْمَ، قَالَ: أَجَلْ وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَتْ أَوَّلَ وَقْعَةٍ أَوْقَعَهَا (اللَّهُ) [٤] بِأَهْلِ الشِّرْكِ.
فَكَانَ الْإِثْخَانُ فِي الْقَتْلِ بِأَهْلِ الشِّرْكِ أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ اسْتِبْقَاءِ الرِّجَالِ.
(نَهْيُ النَّبِيِّ أَصْحَابَهُ عَنْ قَتْلِ نَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ،
[١] أحنه: أهلكه.[٢] المستفتح: الْحَاكِم على نَفسه بِهَذَا الدُّعَاء.[٣] فِي أ: «لكأنّي بك» .[٤] زِيَادَة عَن أ، ط.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute