(تَكْفِينُ الرَّسُولِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ غَسْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثَوَابَ، ثَوْبَيْنِ صُحَارِيَّيْنِ [١] وَبُرْدٍ حَبِرَةٌ، أُدْرِجَ فِيهَا إدْرَاجًا، كَمَا حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَالزَّهْرِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ.
(حَفْرُ الْقَبْرِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْفِرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ يَضْرَحُ [٢] كَحَفْرِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ هُوَ الَّذِي يَحْفِرُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَلْحَدُ، فَدَعَا الْعَبَّاسُ رَجُلَيْنِ، فَقَالَ لِأَحَدِهِمَا: اذْهَبْ، إلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَلِلْآخَرِ اذْهَبْ إلَى أَبِي طَلْحَةَ. اللَّهمّ خِرْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ صَاحِبَ أَبِي طَلْحَةَ أَبَا طَلْحَةَ، فَجَاءَ بِهِ، فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(دَفْنُ الرَّسُولِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ) :
فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ جَهَازِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وُضِعَ فِي سَرِيرِهِ فِي بَيْتِهِ، وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ اخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ. فَقَالَ قَائِلٌ: نَدْفِنُهُ فِي مَسْجِدِهِ وَقَالَ قَائِلٌ: بَلْ نَدْفِنُهُ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إلَّا دُفِنَ حَيْثُ يُقْبَضُ، فَرُفِعَ فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تُوُفِّيَ عَلَيْهِ، فَحُفِرَ لَهُ تَحْتَهُ، ثُمَّ دَخَلَ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ أَرْسَالًا [٣] ، دَخَلَ الرِّجَالُ، حَتَّى إذَا فَرَغُوا أُدْخِلَ النِّسَاءُ، حَتَّى إذَا فَرَغَ النِّسَاءُ أُدْخِلَ الصِّبْيَانُ. وَلَمْ يَؤُمَّ النَّاسَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ.
[١] صحاريين: نِسْبَة إِلَى صحار، وَهِي مَدِينَة من الْيمن كَمَا فِي لِسَان الْعَرَب، أَو هِيَ فِي بِلَاد بنى تَمِيم من الْيَمَامَة أَو مَا يَليهَا (عَن مُعْجم مَا استعجم للبكرى) .[٢] يضرح: يشق الأَرْض للقبر.[٣] أَرْسَالًا: جمَاعَة بعد جمَاعَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute