وقال الكلبيُّ: إن قريشًا قالوا لرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: الرجل منا إذا كان مخالفًا لك تزعُم أنه في النار، وإذا اتَّبع دِينك تزعُم أنه من أهل (١) الجنة، فأخبرنا عن هذا: من أين هو؟ فأنزل اللَّه جلَّ جلاله:{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} من الكفر والنفاق {حَتَّى يَمِيزَ}؛ أي: يخلِّص الكافر من المؤمن {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ} يا معشر قريش {عَلَى الْغَيْبِ} فيتبينَ (٢) لكم المؤمنُ من الكافر {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ}؛ أي: يصطفي بالنبوَّة مَن يشاء ويعلِّمه ما يشاء من أمره (٣).
وقال أبو العاليةِ: إن المؤمنين قالوا: لو ميَّز اللَّه المنافقين فأعلمهم الناسَ حتى يُعرفوا، فأنزل اللَّه تعالى:{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}(٤) فيَعرفَ النبيُّ عليه الصلاة والسلام ذلك {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى} المنافقين (٥){وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} فيُطلعُه على غيبه، ويَمِيزُ له المنافقَ من المؤمن (٦).
وقال مقاتل: إن الكفار قالوا: إن كان محمدٌ صادقًا (٧) فليخبِرْ مَن يؤمنُ منَّا ومَن يكفرُ، فقال اللَّه تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}[يعني: ليطلعَكم على غيبِ] ذلك، إنما الوحي إلى الأنبياء (٨).
(١) في (ر) و (ف): "تزعم أنه في". (٢) في (أ): "فبين"، وفي (ف): "فيبين". (٣) "من أمره" ليس من (ف). (٤) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٢١٨)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ١٣٢). (٥) في (أ): "المنافق". (٦) "من المؤمن" سقط من (أ) و (ف). (٧) في (ر): "إنَّ محمدًا إن كان"، وفي (ف): "إن كان محمدًا صادق". (٨) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٣١٨)، وما بين معكوفتين منه.