وقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} ختمَ الآيةَ التي قبلها بالأمرِ بالشُّكر، وبدأ هذه الآية بالأمرِ بالصَّبر، وهما جامعا (١) جميعِ خصال الإيمان.
ووجهٌ آخرُ أنَّه ذكرَ:{إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}، وهم الأعداء، وقال:{فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي} ثمَّ أمرَ في هذا بما يَدفعُهم ويردعُهم، وهو الاستعانةُ بالصَّبرِ والصَّلاة على مجاهدة العداة.
وقوله:{اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} قد أوفينا الكلامَ فيه في أوَّل قصَّةِ بني إسرائيل، ومعناه: استعينوا بهما على الجهادِ في سبيلِ اللَّه مع أعداءِ اللَّه.
وقيل: استعينوا بهذا النوعِ من الطَّاعة على غيرِه مِن الطَّاعات.
وقال الكلبيُّ ومقاتلٌ والرَّبيعُ بنُ أنس: استعينوا على طلبِ الآخرة وتمحيصِ الذُّنوب بالصبرِ على أداءِ الفرائض والصَّلوات الخمس (٢).
وقيل: استعينوا بالصبرِ منكم، وبالصَّلاة منِّي وعدًا بقولي:{أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ}[البقرة: ١٥٧] على أداء الفرائض وتحمُّل المكاره؛ أي: انظروا في
(١) في (ر): "جامعتان". (٢) قول مقاتل في "تفسيره" (١/ ١٥٠)، ورواه عن الربيعِ الطبريُّ في "تفسيره" (٢/ ٦٩٨).