وقال مجاهدٌ وابنُ جُريجٍ ومحمد بن إسحاق: معناه: حتى يَمِيزَ المنافقَ من المخلص (١).
وقال قتادةُ والسدِّي: أي: الكافرَ من المؤمن، وهذا التمييزُ بتكليف الجهاد ونحوه ليُظهِر بذلك ضمائرهم (٢).
وقوله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}: أي: وليس من وصفِ اللَّه تعالى أنْ يُوْقِفكم على غيب القلوب فيجعلَ هذا التمييزَ بإعلامكم ما في قلوبهم لتعلَموا المخلِصَ من المنافق بذلك.
ويحتمِل:{لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} عنده لتعلَموا أهل الجنة من أهل النار؛ لأنَّه زوال الامتحان، لكن التمييز بما (٣) قلنا.
وقوله تعالى:{وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ}: أي: يختارُ، فيخصُّهم بإعلام المؤمن من الكافر، ثم يأمرهم (٤) بكتمان ذلك وبالعمل على ظاهر الآية ليصحَّ الامتحان.
وقيل:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}؛ أي: ليجعلَكم كلَّكم عالِمِين بالغيب فتَستغنوا عن الرسل، بل يخص بالرسالة مَن يشاء، ويكلِّف الناسَ (٥) طاعتَهم والانقياد لهم والأخذَ منهم.
(١) رواه عنهم الطبري في "تفسيره" (٦/ ٢٦٣)، وابن المنذر عن مجاهد (١٢١٤). (٢) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (٦/ ٢٦٣ - ٢٦٤)، وابن المنذر عن قتادة (١٢١٦). (٣) في (أ): "ما". (٤) في (أ): "بأمرهم". (٥) في (أ): "ويكلف اللَّه"، وفي (ر): "ويكلف الناس إلى".