للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: وقيل: إن المنافقين كانوا يطعنون (١) في الصحابة ويستهزئون بهم سرًّا، فقال: لا يَدَعُ (٢) المؤمنين على ما أنتم عليه أيها المنافقون من الطعن فيهم والاستهزاء بهم، ولكن يمتحنكم بأنواع المحن لتفتضِحوا ويظهرَ نفاقُكم عندهم.

قال: ويحتمِل أن يكون معناه: لا يَدَع (٣) المؤمنين على ما أنتم عليه من النفاق والكفر في دارٍ واحدة، ولكن يجعل لكم دارًا أخرى يَميز فيها الخبيثَ من الطيب، فيجعلُ الخبيث في النار والطيِّب في الجنة؛ كما قال تعالى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ} الآية (٤) [الأنفال: ٣٧] (٥).

وقيل: على ما أنتم عليه قبل مَبعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو: على ما وُلدتم عليه فلا يتعبَّدَكم ولا يمتحنكم حتى يتميزَ بالامتحانِ والتكليفِ الخبيث من الطيب بظهور أفعال الفريقين.

واتصالُها بما قبلها: أن في غزوة أحد وفي اتِّباع المشركين بعد ذلك ظهر (٦) المخلصُ من المنافق.

وقوله تعالى: {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} ماز يَمِيز مَيزًا؛ أي: فَرَقَ بين شيئين، ومَيَّز يميِّز تمييزًا: إذا فرَّق بين أشياء، وقد مازهُ فامْتازَ وانْمازَ، وميَّزه فتميَّز.


(١) في (ر): "يظنون"، والمثبت موافق لما في "التأويلات".
(٢) في (ر): "ندع"، والمثبت موافق لما في "التأويلات".
(٣) في (ر): "ندع"، والمثبت موافق لما في "التأويلات".
(٤) "الآية" من (أ)، وليس فيها: " {فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ} ".
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٥٤١).
(٦) في (أ): "ظهور".