الله بشيءٍ من الطَّاعات، ولا من الازدياد من الخير في موضعٍ لم يأتِ بالمنع منه نصٌّ، وهذا قول الجمهور. إلا أنَّ أبا حنيفة استثنى خمسة أيَّامٍ لا يعتمر فيها: يوم عرفة، ويوم النَّحر، وأيَّام التَّشريق. واستثنى أبو يوسف يوم النَّحر وأيَّام التَّشريق خاصَّةً. واستثنت الشَّافعيَّة البائتَ بمنًى لرمي أيَّام التَّشريق (١).
واعتمرت عائشة في سنةٍ مرَّتين، فقيل للقاسم: لم ينكِر عليها أحدٌ؟ فقال: أعلى أمِّ المؤمنين (٢)؟ وكان أنس إذا حمَّم (٣) رأسُه خرج فاعتمر (٤). ويُذكر عن علي أنَّه كان يعتمر في السَّنة مرارًا (٥). وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «العمرة إلى العمرة كفَّارةٌ لما بينهما»(٦).
ويكفي في هذا أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أعمرَ عائشة من التَّنعيم سوى عمرتها الَّتي كانت أهلَّت بها، وذلك في عامٍ واحدٍ. ولا يقال: عائشة كانت قد رفضت العمرة، فهذه الَّتي من التَّنعيم قضاء عنها; لأنَّ العمرة لا يصحُّ رفضها. وقد قال لها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «يَسَعُكِ طوافكِ لحجِّكِ وعمرتكِ»(٧)، وفي لفظٍ:«حللتِ منهما جميعًا»(٨).
(١) «واستثنت ... التشريق» ساقطة من ج. (٢) رواه الشافعي في «الأم» (٣/ ٣٣٦، ٣٣٧). وعند البيهقي (٤/ ٣٤٤): «أنها اعتمرت في سنةٍ ثلاثَ مرات». (٣) ق، ع، ك، ج: «احمر»، تحريف. وحمَّم الرأس: نبت شعره بعد ما حُلق. (٤) سيأتي تخريجه. (٥) سيأتي تخريجه. (٦) رواه البخاري (١٧٧٣) ومسلم (١٣٤٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - . (٧) رواه مسلم (١٢١١/ ١٣٢) من حديث عائشة - رضي الله عنها -. (٨) رواه مسلم (١٢١٣/ ١٣٦) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.