أذِن الله لشيءٍ ما أذِن لنبيٍّ (١) حسَنِ الصوت يتغنَّى بالقرآن، يجهَر به» (٢).
قال الطبري (٣): وهذا الحديث أبيَنُ البيان أنَّ ذلك كما قلنا. ولو كان كما قال ابن عيينة ــ يعني: يستغني به عن غيره ــ لم يكن لذكر حُسنِ الصَّوت والجَهْرِ به معنًى. والمعروف في كلام العرب أنَّ التغنِّي إنما هو الغناء الذي هو حُسن الصوت بالترجيع. قال الشاعر (٤):
تغَنَّ بالشِّعر إمَّا كنتَ قائله ... إنَّ الغناء لهذا الشعر مضمارُ
قال: وأما ادعاء الزاعم (٥) أن «تغنَّيت» بمعنى «استغنيت» فاشٍ (٦) في كلام العرب، فلم نعلم أحدًا من أهل العلم بكلام العرب قاله.
وزعم أنه أراد بقوله:«طويل التغنِّي»: طويل الاستغناء= فإنه غلط منه.
(١) ص، ج: «للنبي». (٢) أخرجه البخاري (٧٥٤٤) ومسلم (٧٩٢/ ٢٣٣) من طريق محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ولعل الزيادة: «يجهر به» مدرج، انظر: «فتح الباري» (١٣/ ٤٦٠). (٣) «شرح صحيح البخاري» (١٠/ ٢٦١). (٤) هو حسان بن ثابت. انظر: «ديوانه» (١/ ٤٢٠). (٥) يعني: أبا عبيد في «غريب الحديث» له (١/ ٣٨٦). (٦) ما عدا ق، م: «فأين»، تصحيف. (٧) من قصيدة في «ديوانه» (١/ ١٤٧ - الرضواني). وفي جميع النسخ: «طويل التغنِّي» بالياء.