فمنهم من حدَّه بخمسين سنةً، وقال: لا تحيض المرأة بعد الخمسين. وهذا قول إسحاق وروايةٌ عن أحمد، واحتجَّ أرباب هذا القول بقول عائشة - رضي الله عنها -: إذا بلغتْ خمسين سنةً خرجتْ من حدِّ الحيَّض (١).
وحدَّه طائفةٌ بستِّين سنةً، وقالوا: لا تحيض بعد السِّتِّين، وهذا (٢) روايةٌ ثانيةٌ عن أحمد.
وعنه روايةٌ ثالثةٌ: الفرق بين نساء العرب وغيرهم، فحدُّه ستُّون في نساء العرب وخمسون في نساء العجم.
وعنه روايةٌ رابعةٌ: أنَّ ما بين (٣) الخمسين والسِّتِّين دمٌ مشكوكٌ فيه، تصوم وتصلِّي وتقضي الصَّوم المفروض، وهذه اختيار الخِرقي.
وعنه روايةٌ خامسةٌ: أنَّ الدَّم إن عاود بعد الخمسين وتكرَّر فهو حيضٌ، وإلَّا فلا.
وأمَّا الشَّافعيُّ فلا نصَّ له في تقدير اليأس بمدَّةٍ، وله قولان بعدُ، أحدهما: أنَّه يعرف بيأس أقاربها. والثَّاني: أنَّه يعتبر بيأس جميع النِّساء.
(١) لم أقف عليه مسندًا، وذكره الإمام أحمد كما في «مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه» للكوسج (٣/ ١٣٠٢)، وذكره ابن الجوزي في «التحقيق» (١/ ٢٦٧) بلفظ: «لن ترى المرأة ولدًا في بطنها بعد خمسين سنة»، ونقل هذا أيضًا ابن قدامة في «المغني» (١١/ ٢١٠)، وقال الشيخ الألباني في «الإرواء» (١/ ٢٠٠): لم أقف عليه، ولا أدري في أي كتاب ذكره أحمد، ولعله في بعض كتبه التي لم نقف عليها. (٢) كذا في النسخ. (٣) ص، د: «تأثير»، تحريف.