وأمَّا استدلالكم بحديث ابن عمر مرفوعًا:«طلاق الأمة اثنتان، وعدَّتها حيضتان»، فهو من رواية عطيَّة بن سعدٍ العوفيِّ، وقد ضعَّفه غير واحدٍ من الأئمَّة. قال الدَّارقطنيُّ (١): والصَّحيح عن ابن عمر ما رواه سالم ونافع من قوله، وروى الدَّارقطنيُّ (٢) أيضًا عن سالم ونافع أنَّ ابن عمر كان يقول: طلاق العبد الحرَّةَ تطليقتان، وعدَّتها ثلاثة قروءٍ، وطلاق الحرِّ الأمةَ تطليقتان، وعدَّتها عدَّة الأمة حيضتان.
قالوا: والثَّابت بلا شكٍّ عن ابن عمر أنَّ الأقراء الأطهار.
قال الشَّافعيُّ: أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: إذا طلَّق الرَّجل امرأته، فدخلتْ في الدَّم من الحيضة الثَّالثة، فقد برئتْ منه، ولا تَرِثُه ولا يَرِثها (٣).
قالوا: فهذا الحديث مداره على ابن عمر وعائشة، ومذهبهما بلا شكٍّ أنَّ الأقراء الأطهار، فكيف يكون عندهما عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خلافُ ذلك، ولا يذهبان إليه؟
قالوا: وهذا بعينه هو الجواب عن حديث عائشة الآخر: «أُمِرَتْ بريرة أن تعتدَّ ثلاث حيضٍ».
قالوا: وقد روي هذا الحديث بثلاثة ألفاظٍ: «أُمِرَتْ أن تعتدَّ»(٤)،
(١) «السنن» (٥/ ٦٨). (٢) «السنن» (٥/ ٦٩). (٣) تقدم تخريجه (ص ٢٤٥). (٤) الدارقطني (٤/ ٤٥٠) من رواية عفان بن مسلم وعمرو بن عاصم، وخالفهما حبان بن هلال فقال: «عدة الحرة»، ورجَّح الدارقطني رواية حبان بن هلال.