كما قال ضِمام (١) بن ثعلبة للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «أعِدْ عليَّ كلماتِك»(٢)، وكما قال أبو سعيد:«أعِدْها عليَّ يا رسول اللَّه»(٣).
وهذا ليس بلازمٍ، فإنَّه يقال: أعاد مقالته، وعاد لمقالته، وفي الحديث: فعاد لمقالته (٤)، بمعنى أعادها، سواءٌ.
وأفسدُ من هذا ردُّ من ردَّ عليهم بأنَّ إعادة القول محالٌ كإعادة أمسِ، قال (٥): لأنَّه لا يتهيَّأ اجتماع زمانين. وهذا في غاية الفساد، فإنَّ إعادة القول من جنس إعادة الفعل، وهي الإتيان بمثل الأوَّل لا بعينه. والعجب من متعصِّبٍ يقول: لا يُعتدُّ بخلاف الظَّاهريَّة، ويبحث معهم بمثل هذه البحوث، ويردُّ عليهم بمثل هذا الرَّدِّ!
وكذلك ردُّ من ردَّ عليهم بمثل العائد في هبته، فإنَّه ليس نظير الآية، وإنَّما نظيرها {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ}[المجادلة: ٨]،
(١) كذا في النسخ بالميم في آخره، والمشهور: «ضِماد» بالدال المهملة، وقد حكى الوجهين ابنُ منده كما في «الإصابة» (٥/ ٣٤٨). (٢) أخرجه مسلم (٨٦٨) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -. (٣) أخرجه مسلم (١٨٨٤) من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «يا أبا سعيد، من رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًّا وجبت له الجنة». قال: فعجب لها أبو سعيد فقال: أعِدْها عليَّ يا رسول الله، ففعل. (٤) أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (٣/ ٤٨٣)، والطبراني في «الكبير» (٧١٨) من حديث الفضل بن العباس، وفي سنده ضعفٌ وجهالة، وقال فيه الذهبي: «حديث منكر». وكذا قال الألباني في «الإرواء» (٦٢٩٧). وهو جزء من حديث طويل، فيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب، ثم نزل فصلى الظهر، ثم عاد إلى المنبر، فعاد لمقالته في الشحناء وغيرها. (٥) هو الماوردي في «الحاوي» (١٠/ ٤٤٥) دار الكتب العلمية.