أصحاب التَّمليك: ولا يمتنع الرُّجوعُ وإن قلنا إنَّه تمليكٌ؛ لأنَّه لم يتَّصل به القبول، فجاز الرُّجوع فيه كالهبة والبيع.
واختلفوا فيما يلزم من اختيارها نفسَها: فقال أحمد والشَّافعيُّ: واحدةٌ رجعيَّةٌ، وهو قول عمر (١) وابن مسعودٍ وابن عبَّاسٍ (٢)، واختاره أبو عبيد وإسحاق. وعن علي: واحدةٌ بائنةٌ، وهو قول أبي حنيفة. وعن زيد بن ثابتٍ: ثلاثٌ، وهو قول الليث. وقال مالك: إن كانت مدخولًا بها فثلاثٌ، وإن كانت غير مدخولٍ بها قُبِل منه دعوى الواحدة.
واختلفوا: هل يفتقر قوله «أمركِ بيدكِ» إلى نيَّةٍ أم لا؟ فقال أحمد والشَّافعيُّ وأبو حنيفة: يفتقر إلى نيَّةٍ، وقال مالك: لا يفتقر إلى نيَّةٍ.
واختلفوا: هل يفتقر وقوع الطَّلاق إلى نيَّة المرأة إذا قالت: اخترتُ نفسي، أو فسختُ نكاحك؟ فقال أبو حنيفة: لا يفتقر وقوع الطَّلاق إلى نيَّتها إذا نوى الزَّوج. وقال أحمد والشَّافعيُّ: لا بدَّ من نيَّتها إذا اختارت بالكناية. ثمَّ قال أصحاب مالك: إن قالت: اخترتُ نفسي أو قبلتُ نفسي= لزم الطَّلاق، ولو قالت لم أُرِدْه، وإن قالت: قبلتُ أمري= سُئلتْ عمَّا أرادت؟ فإن أرادت الطَّلاق كان طلاقًا، وإن لم تُرِدُه لم يكن طلاقًا.
ثمَّ قال مالكٌ: إذا قال لها: «أمرك بيدك» وقال: قصدتُ طلقةً واحدةً، فالقول قوله مع يمينه، وإن لم تكن له نيَّةٌ فله أن يُوقِع ما شاء. وإذا قال:«اختاري» وقال: أردتُ واحدةً، فاختارتْ نفسَها= طَلَقتْ ثلاثًا، ولا يُقبل قولُه.
(١) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «ابن عمر». (٢) سبق تخريج الآثار عنهم.