وأما ما جاء في حديث الهجرة (١) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى أبي بكر متقنِّعًا بالهاجرة، فإنما فعله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - تلك الساعة ليختفي بذلك، ففعَله للحاجة.
ولم تكن عادته التقنُّع. وقد ذكر أنس عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يكثر القِناع (٢)، وهذا إنما كان يفعله ــ والله أعلم ــ للحاجة من الحرّ ونحوه. وأيضًا فليس التقنُّع هو التطيلُس (٣).
فصل
وكان أغلب ما يلبس النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ما نُسِج من القطن، وربما لبسوا ما نُسِج من الصوف والكتَّان.
وذكر أبو الشيخ (٤) الأصبهاني (٥) بإسناد صحيح عن حابس بن أيوب (٦) قال: دخل الصَّلْت بن راشد على محمد بن سيرين، وعليه جبة صوف، وإزار صوف، وعمامة صوف؛ فاشمأزَّ عنه محمد، وقال: أظن
(١) أخرجه البخاري (٣٩٠٥، ٥٨٠٧) من حديث عائشة. (٢) أخرجه الترمذي في «الشمائل» (٣٣، ١٢٦)، والحديث ضعيف، وسيأتي تمام تخريجه في فصل هديه - صلى الله عليه وسلم - في الفطرة وتوابعها (ص ١٨٨). (٣) نوقش المؤلف فيما ذكره في لبس الطيلسان. انظر: «فتح الباري» وغيره من المصادر المذكورة آنفًا. (٤) في النسخ المطبوعة: «الشيخ أبو إسحاق»، وهو غلط. (٥) في كتابه «أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -» (٢/ ٢٣٤). (٦) كذا في ق، ج. وفي ص: «حليس» مع علامة الاستشكال (ظ) فوقه، يعني: ينظر. وفي ك: «خليس». وخربشه بعضهم في ع. وفي النسخ المطبوعة: «جابر بن أيوب». وفي كتاب أبي الشيخ: «جليسٌ لأيوب»، وهو مبهم.