عنده نساؤه وعمُّه العباس، وأم الفضل بنت الحارث، وأسماء بنت عميس. فتشاوروا في لدِّه، فلدُّوه وهو مغمورٌ. فلمَّا أفاق قال:«من فعل بي هذا؟ هذا من عمل نساءٍ جئن من هاهنا». وأشار بيده إلى أرض الحبشة. وكانت أمُّ سلمة وأسماء لدَّتاه، فقالوا: يا رسول اللَّه، خشينا (١) أن يكون بك ذات الجنب. قال:«فبم لددتموني؟». قالوا: بالعود الهنديِّ، وشيءٍ من وَرْسٍ، وقطراتٍ من زيتٍ. فقال:«ما كان الله لِيقذفَني بذلك الدَّاء». ثمَّ قال:«عزمتُ عليكم: لا يبقى في البيت أحدٌ إلا لُدَّ إلا عمِّي العباس»(٢).
وفي «الصَّحيحين»(٣) عن عائشة قالت: لددنا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأشار أن لا تلُدُّوني، فقلنا: كراهية المريض للدَّواء. فلمَّا أفاق قال: «ألم أَنْهَكم أن لا تلُدُّوني؟ (٤) لا يبقى منكم أحدٌ إلا لُدَّ غير عمِّي العباس فإنَّه لم يشهدكم».
(١) س، حط: «حسبنا». (٢) أخرجه بنحوه عبد الرَّزَّاق (٩٧٥٤) وعنه ابن راهويه (٢١٤٥)، وأحمد (٢٧٤٦٩) من حديث أسماء بنت عميس - رضي الله عنها -، وصحَّحه ابن حبَّان (٦٥٨٧)، والحاكم (٤/ ٢٠٢)، وابن حجر في «الفتح» (٨/ ١٤٨)، والألباني في «السلسلة الصحيحة» (٧/ ١٠١٧)، ورجَّح أبو زرعة وأبو حاتم إرسالَه كما في «العلل» (٢٥٢٠). وفي الباب عن العبَّاس وابن عبَّاس وعائشة - رضي الله عنها -. (٣) البخاري (٤٤٥٨، ٥٧١٢، ٦٨٩٧) ومسلم (٢٢١٣). (٤) كذا في جميع النسخ وكتاب الحموي (ص ١٠٩). وفي طبعة الرسالة: «أن تلدوني» تبعًا للفقي الذي حذف «لا» لأنها لم ترد في «الصحيحين». وقد ورد اللفظ المذكور هنا في «مسند أحمد» (٢٤٢٦٣). وهو كقوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: ١٢].