وربَّما خاطبه بنفسه. وربَّما كانت الرُّوح ماردةً فيُخْرِجها بالضَّرب، فيفيق المصروع ولا يحسُّ بألمٍ. وقد شاهدنا نحن وغيرنا منه ذلك مرارًا.
وكان كثيرًا ما يقرأ في أذن المصروع:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون: ١١٥].
وحدَّثني أنَّه قرأها مرَّةً في أذن مصروعٍ (١)، فقالت الرُّوح: نعم، ومدَّ بها صوته. قال: فأخذتُ له عصًا، وضربتُه بها في عروق عنقه حتَّى مَجِلَتْ (٢) يداي من الضَّرب، ولم يشكَّ الحاضرون أنَّه يموت بذلك. ففي أثناء الضَّرب قالت: أنا أحبُّه، فقلت لها: هو لا يحبُّك. قالت: أنا أريد أن أحجَّ به، فقلت لها: هو لا يريد أن يحجَّ معك. فقالت (٣): أنا أدعه كرامةً لك. قال (٤): لا، ولكن طاعةً لله ولرسوله. قالت: فأنا أخرج منه. قال: فقعد المصروع يلتفت يمينًا وشمالًا، وقال: ما جاء بي إلى حضرة الشَّيخ؟ قالوا له: وهذا الضَّرب كلُّه (٥)؟ فقال: وعلى أيِّ شيءٍ يضربني الشَّيخ ولم أُذنِبْ؟ ولم يشعر بأنَّه وقع به ضربٌ البتَّة.
وكان يعالج بآية الكرسيِّ، ويأمر بكثرة قراءة المصروع ومَن يعالجه
(١) د: «المصروع»، وكذا في النسخ المطبوعة. (٢) كذا مجوَّدًا مضبوطًا في ث. يعني: ثخن جلدها وتقرَّحت وصار بين الجلد واللحم ماء. وفي النسخ الأخرى: «نحلت» و «تخلَّت»، تصحيف. (٣) بعده في حط: «له». (٤) في ن: «قلت» مكان «قال». وفي النسخ المطبوعة جمع بينهما. (٥) «كله» ساقط من د.