إذا تخمَّر وكالكتاب الذي يُخشى منه الضرر والشر، فالحزم المبادرة إلى إتلافه وإعدامه.
وكانت غَسَّان إذ ذاك ــ وهم ملوك عرب الشام ــ حربًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا يَنعَلون خيولَهم لمحاربته، وكان هذا لما بعث شُجاع بن وهب الأسدي إلى ملكهم الحارث بن أبي شِمر الغساني يدعوه إلى الإسلام (١)، وكتب معه إليه قال شجاع: فانتهيت إليه وهو بغوطة دمشق وهو مشغول بتَهيِئة الأنزال والألطاف لقيصر وهو جاءٍ من حِمصَ إلى إيلياء، قال: فأقمت على بابه يومين أو ثلاثةً فقلت لحاجبه: إني رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه، فقال: لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا وكذا، وجعل حاجبه (٢) ــ وكان روميًّا اسمه مُرَيّ (٣) ــ يسألني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكنت أحدثه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما يدعو إليه، فيرقُّ حتى يغلبه البكاء ويقول: إني قرأت الإنجيل فأجد صفة هذا النبي بعينه، فأنا أؤمن به وأصدقه فأخاف من الحارث أن يقتلني وكان يكرمني ويحسن ضيافتي.
(١) وهو أحد الرسل الستة الذين بعثهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام، وذلك لمّا رجع من الحديبية سنة ستٍّ. أخرج خبرهم ابن سعد في «الطبقات» (١/ ٢٢٢ وما بعدها) عن شيخه الواقدي بأسانيده وقد دخل حديث بعضهم في بعض. وسياق المؤلف للخبر هو سياق ابن سعد، ولم يصدر فيه عن «عيون الأثر» (٢/ ٢٧٠) فإن لفظه يختلف عن لفظ ابن سعد، وإنما يشبه رواية ابن عائذ عن الواقدي كما يظهر من «تاريخ الإسلام» للذهبي (١/ ٤١٨). (٢) في الأصول عدا س، ث: «صاحبه» خلافًا لـ «طبقات ابن سعد». (٣) كذا مضبوطًا في ف. وضبطه الحافظ في «الإصابة» (١٠/ ٤٣٢) فقال: «بكسر أوّله مخفَّف».