قلتُ: ألحَقُ بأهل ديني من النصارى بالشام، وخلَّفتُ بنتًا لحاتم في الحاضر، فلما قدمتُ الشام أقمت بها، وتخالفني خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتصيب ابنةَ حاتمٍ فيمن أصابت، فقُدِم بها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبايا من طيئ، وقد بلغ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - هَرَبي إلى الشام (١).
فمَّر بها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، غاب الوافدُ وانقطع الوالد (٢)، وأنا عجوزٌ كبيرة ما بي مِن خدمة، فمُنَّ عليّ منَّ الله عليك، قال:«من وافدك؟» قالت: عدي بن حاتم، قال:«الذي فرَّ من الله ورسوله؟» قالت: فمَنَّ عليَّ، قالت: فلما رجع ورَجلٌ إلى جنبه ــ تُرَى أنه علي ــ قال: سَلِيه الحُملان، قال (٣): فسألَتْه فأمر لها به، قال عدي: فأتتني أختي فقالت: لقد فعلتَ (٤) فِعلةً ما كان أبوك يفعلها، ايْتِهِ راغبًا أو راهبًا، فقد أتاه فلانٌ فأصاب منه وأتاه فلان فأصاب منه.
قال عدي (٥): فأتيته وهو جالس في المسجد، فقال القوم: هذا عدي بن
(١) هنا انتهى النقل عن ابن إسحاق، وما يلي هو حديث سماك بن حرب عن عبّاد بن حُبيش عن عدي، ولفظ الفقرة الآتية أشبه بلفظ «المسند» و «الدلائل». (٢) في «المسند» و «الدلائل» وغيرهما: «وانقطع الولد»، ولفظ ابن إسحاق: «هلك الوالد وغاب الوافد». (٣) أي: عديٌّ، وفي النسخ المطبوعة: «قالت» خلافًا للأصول. (٤) ف، ب، ث، ن: «فعل». والمثبت من سائر الأصول موافق لمصادر التخريج، والسياق عليه، فإنها تؤنبّه على الفِرار إلى الشام وتركها خلفَه، وفي لفظ ابن إسحاق أنها قالت: «القاطع الظالم! احتملتَ بأهلك وولدك وتركتَ بقية والدك عورتَك». (٥) لفظ الحديث من هنا إلى آخره أشبه بلفظ الترمذي في «جامعه»، وبنحوه أولى روايتي الطبراني في «معجمه الكبير».