ينبغي لنبيٍّ أن تكون له خائنة الأعين» (١)؛ فهذا كان قد تغلظ كفره بردَّته بعد إيمانه وهجرته وكتابة الوحي، ثم ارتد ولحق بالمشركين يطعن على الإسلام ويعيبه، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد قتله، فلما جاء به عثمان بن عفان وكان أخاه من الرضاعة لم يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله حياءً من عثمان ولم يبايعه ليقوم إليه بعض أصحابه فيقتلَه، فهابوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُقْدموا على قتله بغير إذنه، واستحيى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عثمان، وساعد القدر السابق لِما يريد الله سبحانه بعبد الله مما ظهر منه بعد ذلك من الفتوح (٢)،
وقولُه - صلى الله عليه وسلم -: «ما ينبغي لنبيٍّ أن تكون له خائنة الأعين»، أي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يخالف ظاهرُه باطنَه، ولا سرُّه علانيته، وإذا نفذ حكمَ الله وأمره لم يُومِ (٣) به، بل صرَّح به وأعلنه وأظهره.
(١) أخرجه أبو داود (٢٦٨٣، ٤٣٥٩) والنسائي (٤٠٦٧) والحاكم (٣/ ٤٥) والضياء في «المختارة» (٣/ ٢٤٨ - ٢٥١) من حديث سعد بن أبي وقاص بنحوه، وإسناده حسن. ولبعضه شاهد من حديث ابن عباس عند أبي داود (٤٣٥٨) والنسائي (٤٠٦٩) والحاكم (٣/ ٤٥) والضياء (١٢/ ٢٩٥) بإسناد حسن. (٢) فُتحت إفريقيَّةُ ــ وتسمى «تونس» اليوم ــ على يده في أيام عثمان - رضي الله عنه - .. (٣) كذا في الأصول، مِن: أومَى يُومِي، لغة في أومأَ يومئُ.