الناس فوعظهم وحضَّهم (١) على الجهاد، فلما التقى المسلمون واليهود قُتِل فيمن قتل: العبد الأسود، فاحتمله المسلمون إلى عسكرهم (٢) فأُدخِل في الفسطاط، فزعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اطلع في الفسطاط ثم أقبل على أصحابه فقال:«لقد أكرم الله هذا العبد وساقه إلى خير، ولقد رأيتُ عند رأسه اثنتين من الحور العين»، ولم يُصَلِّ للهِ سجدةً قط.
وقال حماد بن سلمة: عن ثابت عن أنس: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: يا رسول الله، إني رجل أسود اللَّون قبيحُ الوجه منتنُ الريح لا مال لي، فإن قاتلت هؤلاء حتى أقتل أدخل الجنة؟ قال:«نعم». فتقدَّم فقاتلَ حتى قُتِل فأتى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مقتول فقال:«لقد أحسن الله وجهَك وطيَّب ريحَك وكثَّر مالك». ثم قال:«لقد رأيت زوجتيه من الحور العين تنزعان جبته عنه تدخلان فيما بين جلده وجبته»(٣).
وقال شداد بن الهاد: جاء رجل من الأعراب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمن به واتبعه فقال: أهاجر معك، فأوصى به بعضَ أصحابه، فلما كانت غزوة خيبر غنم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا فقَسَمه، وقسم للأعرابي فأعطى أصحابه ما قسمه له، وكان يرعى ظهرهم، فلما جاء دفعوه إليه فقال: ما هذا؟ قالوا: قَسَم لك (٤) رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذه فجاء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما هذا يا رسول الله؟ قال:
(١) في الأصول عدا ث: «وحظَّهم». (٢) ن، المطبوع: «معسكرهم». (٣) أخرجه الحاكم (٢/ ٩٣) والبيهقي في «الدلائل» (٤/ ٢٢١) ــ واللفظ له ــ من طريقين عن حماد بن سلمة به. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. (٤) ز، س، ن: «قَسمٌ قسمه لك». وكذا في «الدلائل» وغيره.