وقتادة، والَّذين منعوا التَّدمية ــ كمالك والشَّافعيِّ وأحمد وإسحاق ــ قالوا:«يُدمَّى» غلطٌ، وإنَّما هو «يُسمَّى»، قالوا: وهذا كان من عمل الجاهليَّة، فأبطله الإسلام، بدليل ما رواه أبو داود (١) عن بُريدة بن الحُصَيب قال: كنَّا في الجاهليَّة إذا وُلِد لأحدنا غلامٌ ذبحَ شاةً، ولطَّخ رأسه بدمها، فلمَّا جاء الله بالإسلام كنَّا نذبح شاةً، ونَحلِق رأسه، ونلطِّخه بزعفرانٍ.
قالوا: وهذا وإن كان في إسناده الحسين بن واقدٍ (٢)، ولا يحتجُّ به، فإذا انضاف إلى قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَمِيطُوا عنه الأذى»(٣)، والدَّم أذًى، فكيف يأمرهم أن يُلطِّخوه بالأذى؟
قالوا: ومعلومٌ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَقَّ عن الحسن والحسين بكبشينِ (٤)، ولم يُدمِّهما، ولا كان ذلك من هديه وهدي أصحابه.
قالوا: وكيف يكون من سنَّته تنجيسُ رأس المولود؟ وأين لهذا شاهدٌ ونظيرٌ في سنَّته؟ وإنَّما يليق هذا بأهل الجاهليَّة.
(١) برقم (٢٨٤٣)، ورواه الحاكم (٤/ ٢٣٨) والبيهقي (٩/ ٣٠٢)، وصححه الحاكم وابن الملقن في «البدر المنير» (٩/ ٣٤٢) وابن حجر في «التلخيص الحبير» (٤/ ١٤٧) والألباني في «الإرواء» (٤/ ٣٨٨ - ٣٨٩). (٢) انظر ترجمته في «تهذيب الكمال» (٦/ ٤٩١). (٣) علّقه البخاري (٥٤٧٢) من حديث سلمان بن عامر الضبي - رضي الله عنه -، وانظر: «فتح الباري» (٩/ ٥٩١). (٤) في المطبوع: «بكبش كبش» خلاف النسخ.